حصانة الصحفي في خطر…؟!
غسان فطوم
يبدو أن الآمال الكبيرة التي عُلّقت على قانون الإعلام الجديد ستتحوّل إلى كوابيس مزعجة تطاردنا نحن معشر الصحفيين أثناء ممارسة عملنا الشاق، الذي سيكون مكشوفاً من دون جدار حماية في حال تمّ إقرار الصيغة الحالية!
هي صدمة كبيرة بلا شكّ بعد سنوات من الانتظار، سمعنا خلالها ما سمعناه من الوعود المعسولة التي بشّرتنا بقانون إعلام عصري “غير شكل” قادر على مواكبة الإعلام الجديد، وتحقيق بيئة تشريعية ومهنية مرنة وضامنة للصحفيين. لكن للأسف!! فبالنظر للنسخة الأخيرة التي تتمّ مناقشتها حالياً من قبل لجنة الإعلام والاتصال في مجلس الشعب، وبناءً على ما سُرّب عنها نجد أن هناك تراجعاً كبيراً وخطيراً في مشروع القانون الجديد مقارنة بالحالي، وهذا ليس اتهاماً، وإنما حقيقة كشفها رئيس اتحاد الصحفيين الزميل موسى عبد النور في ردّه على تساؤلات الزملاء الصحفيين في مؤتمرات فروع الاتحاد التي عُقدت مؤخراً، والتي كان قانون الإعلام الجديد من أهم مناقشاتها، وبحسب عبد النور هنالك مواد في صالح الصحفي محذوفة من مشروع القانون الجديد، علماً أنها موجودة في القانون الحالي، لذا من غير المقبول أن يمرّ المشروع بهذه الصيغة!
وبالتواصل والنقاش مع العديد من الزملاء الصحفيين عبر مجموعات “الواتساب” التي تناقش شؤون المهنة، كان واضحاً عدم رضاهم عن مشروع القانون الجديد، مطالبين بأن يضمن الحماية المناسبة لهم وصون حقوقهم “على الأقل كما هو الحال في قانون الإعلام الحالي”، في حين استغرب العديد منهم كيف يتمّ إقرار قانون دون عرضه على الصحفيين والاستفادة من ملاحظاتهم ومقترحاتهم. وبرأيهم أن اللجان المشكّلة التي ناقشت القانون لم تكن موفقة في إقرار ما يريده الصحفيون من القانون الجديد، متسائلين: لماذا لا يتمّ أخذ رأيهم في قانون يعنيهم بالدرجة الأولى وهو بمثابة المستند والسند لهم؟!
إن ما يريده الصحفيون هو إنجاز قانون من دون ثغرات وعثرات، قانون يضمن لهم الحصانة والمرونة والقوة والثقة في العمل دون خوف من العواقب، أي قانون واضح من حيث الحقوق والواجبات، وبغير هذه البيئة التشريعية لا أمل في إيجاد إعلام استقصائي يكشف الخلل في مؤسّسات الدولة، والسؤال هنا: إذا كان الصحفيون غير راضين عن القانون الذي يخصّهم، ولا يؤخذ برأيهم ومقترحاتهم، فكيف لنا إخراج إعلامنا من شرنقة النمطية ونقله إلى الحالة الإبداعية التي تعبّر بصدق عن نبض الشارع؟!
بالمختصر.. الصحفيون يستأهلون قانون إعلام حامياً وضامناً لمهنيتهم، لذا المطلوب من اتحاد الصحفيين العمل بكل قوة على إعادة النظر بشكل موسّع بمشروع القانون الجديد، وعدم إقراره بوضعه الحالي الذي فيه ظلم كبير للصحفيين من حيث الحقوق المهنية، والتأكيد على استقلالية الإعلام وأداء رسالته بحرية من غير تقييد إلا وفقاً لأحكام الدستور والقانون.