تحديد الغاية والهدف…!
بشير فرزان
لم تنقطع الأحاديث، الرسمية أو الشعبية، التي تناقش وتجادل في مسارات المشاريع الصغيرة والمتناهية الصغر؛ ولم ينتهِ الجدل حول نجاح أو إخفاق نسب كبيرة منها تحت ضغط العامل الاقتصادي المتسارع لجهة الضغوط والأعباء والتكاليف العالية التي هدّدت، وتهدّد، الكثير من المشاريع رغم استفادتها من فرصة التمويل بتسهيلات كبيرة حسب القانون رقم 8 الخاص بتأسيس “مصارف التمويل الأصغر” التي منحت قروضاً تشغيلية للأفراد، وهذا ما شكّل علامة فارقة في قضية التسهيلات، ولكن غياب الهيكليات الإدارية السليمة حال دون تحقيق الغاية المطلوبة لناحية وجود بيئة متكاملة على مستوى الخطط والإدارات والبنية المطلوبة.
ولا شكّ أن الاهتمام الكبير بالمشاريع الصغيرة والمتوسطة، والتأكيد على تصحيح الهيكليات وتطوير البنية التنظيمية للمؤسّسات والهيئات الموجودة المعنية بالاستثمار وبالمشروعات الصغيرة والمتناهية الصغر، وتمكينها وتطويرها – بحيث تستطيع أن تكبر وتتحوّل لاحقاً إلى مشروعات متوسطة وكبيرة، ومن ثم وضع قواعد الرقابة والإشراف والمتابعة لها، للوصول إلى إنعاش الاقتصاد السوري – يؤكد أنها قادمة على تغيير إيجابي حقيقي في الأيام القادمة، وأن هناك خطوات متسارعة نحو الأفضل في ميادين عملها، بما يضمن الوصول إلى الأهداف الفعلية لهذه المشاريع، ويجسّد نتائجها إيجاباً في مسارات العوائد الاقتصادية، وتأمين فرص العمل، وتحفيز المجتمع الشبابي على العمل الإنتاجي والإبداع، بقصد الإنماء وكسر الانكماش الاقتصادي المعيشي وفتح أبواب جديدة للمؤسسات المالية، ولكلّ من لديه الأفكار الإنتاجية والقدرة على إدارة المشاريع لتكون حاضنة منتجة ومولدة للموارد المالية والمعيشية.
وما ينبغي التأكيد عليه أنه ليس هناك انقطاع في مسيرة التمويل الصغير، بل على العكس تأسيس المصارف (المؤسسات التنموية)، عزّز هذه التجربة ومتّن علاقتها بالفئات الضعيفة المنتجة كونه يحقق الاستفادة المالية لها ويؤمّن التمويل اللازم لمشاريعهم الاقتصادية، إلى جانب العديد من الخدمات التي وفرتها هذه المصارف، كما جاء في القانون الذي سمح لها قبول الودائع وفتح الحسابات الجارية وحسابات التوفير، وتقديم خدمات التأمين وإعادة التأمين للمقترضين وكذلك خدمة تحويل الأموال داخل البلد.
باختصار.. تفتح التوجهات الجديدة في مجال المشروعات – من تحديد الغايات والأهداف العامة إلى رسم السياسات ووضع الخطط والبرامج التنفيذية – بالتوازي مع بناء سجل وطني للمشروعات يتضمن دليل هذه المشروعات وتصنيف الأنشطة الاقتصادية، الباب أمام إحداث نقلة نوعية شاملة في مجال المشاريع الصغيرة والمتوسطة التي تعدّ فرصة ذهبية للاستثمار في العقول والخبرات الوطنية، ولا بدّ من تضافر الجهود الحكومية والأهلية، وخاصة من رجال الأعمال وأصحاب رؤوس الأموال لوضعها في مسارات التنفيذ المتسارع لما تحققه من منفعة مشتركة واستثمار صحيح لرؤوس الأموال وللأفكار الإنتاجية، بما يكسر طوق الحصار الاقتصادي ويفتح الباب على مصراعيه أمام فرص عمل جديدة وانتعاش معيشي بأموال وطنية.