ميشيل ريمبو ينعى “فرنسا ديغول”
تقرير إخباري
نعى الدبلوماسي الفرنسي السابق ميشيل ريمبو ” فرنسا ديغول” التي كان لديها سياسة عربية، وسياسة إفريقية، وسياسة للاستقلال الوطني، ترتكز بشكل خاص على وضعها كقوة نووية، مذكراً بأن شارل ديغول كان قلقاً بشأن مرتبة فرنسا، ومن دون إنكار أي شيء، اقترح ما يشبه الطريق الثالث، وهو عدم الانحياز في أوقات الحرب الباردة هذه، حيث كان قادراً على الاعتراف بالصين الشعبية، وعلى إلقاء خطاب بنوم بنه على أبواب فيتنام، وكان يتحدّث عن روسيا أو “السوفييت” أو الصين باحترام.
ولكن بعد مرور نصف قرن، جاء إيمانويل ماكرون ليحطم كل شيء، حيث تم طرد فرنسا من إفريقيا، من خلال الخطب الأبوية غير المدروسة، والتدخلات العسكرية الفاشلة، والانتهاكات المتهمة بالشركات الأجنبية، وما إلى ذلك.
ومن ناحية أخرى، سلّطت الأخبار الضوء على” العمليات الإسرائيلية المفرطة”، متجاهلة الإبادة الجماعية، والصور الفظيعة القادمة من غزة، والإعلانات التشهيرية والتجريدية من الإنسانية، والرغبة في إبادة الفلسطينيين وسلب أرضهم، وهو موقف يتناقض بشكل صارخ مع قوة التضامن الشعبي لمصلحة القضية الفلسطينية.
وأضاف ريمبو: لم تعُد هناك سياسة غربية متماسكة حقاً، وإن ما سمّاها “الأمة العظيمة” عادت بالكامل إلى حظيرة الأطلسي، كما قال ساركوزي، واختفت أي إشارة إلى المصلحة الوطنية والدفاع الوطني. زيادة على ذلك، لا يخفي الرئيس حلمه في الترويج لأوروبا الدفاعية، وباسم الهوية الجماعية الوهمية، باتخاذ خطوة نحو أوروبا الفيدرالية التي يرى نفسه فيها قائداً للحرب، ليحل محل أورسولا، قائدة الحرب. وفي 16 شباط 2024، أثارت تصريحاته السريالية ضجة كبيرة: “سوف نفعل كل ما يلزم لضمان عدم تمكّن روسيا من الفوز في هذه الحرب”، أو مرة أخرى: “أنا لا أستبعد إمكانية إرسال قوات عسكرية إلى أوكرانيا”. ولمن لم يفهم هذه المصطلحات، أوضح ساكن الإليزيه: “لأن هزيمة روسيا ضرورية للأمن والاستقرار في أوروبا”. واعترف بالتأكيد أنه “لا يوجد إجماع في هذه المرحلة، ولكن ديناميكياً، لا ينبغي استبعاد أي شيء. ولا ندري إن كان ذلك مقصوداً، لكن الأكيد أنه بتصريحاته غير المناسبة عن “التهديد الروسي” وضع فرنسا في موقف خطير، وفي المقدمة، على حدّ تعبير ريمبو، الذي لفت إلى أنه لا يوجد أمن أو استقرار ممكن دون المشاركة الفعّالة لروسيا، وروسيا كانت وستبقى جارة فرنسا، وما على المرء سوى إلقاء نظرة على الخريطة ورؤية المكان الذي تشغله أكبر دولة على وجه الأرض، أكثر من 17 مليون كيلومتر مربع، ولا شك أنها أصبحت، منذ الحرب في أوكرانيا، القوة الاقتصادية الرائدة في أوروبا.
ودعا ريمبو إلى ضرورة فعل كل شيء لتجنّب الكارثة، حيث انقسم العالم في عام 2024 إلى “عالمين” معاديين على نحو متزايد: الغرب الجماعي، الذي يمثل 10% من سكان العالم، و”الجنوب العالمي” الثلاثي القارات (أوراسيا، إفريقيا، أمريكا اللاتينية) الذي يهدف إلى جمع الـ90٪ المتبقية. وبالتالي، سينتهي الأمر بالمجتمع الدولي إلى الانقسام إلى معسكرين في جميع المجالات، إذا لم يكن قد فعل ذلك بالفعل.
هيفاء علي