في ظل غياب السياحة وصعوبة تأمين المواد الأولية.. الحرف التراثية مهددة بالانقراض
دمشق- ميس خليل
بات العديد من المهن الحرفية التراثية مهدّدا بالانقراض، وذلك نتيجة تداعيات الحرب التي تسبّبت بهجرة شيوخ الكار، إلا أن هناك حرفيين ما زالوا يتمسّكون بالحفاظ على حرفهم وحمايتها من الاندثار، على الرغم من أنهم يعملون في ظلّ ظروف صعبة من انقطاع طويل للتيار الكهربائي وارتفاع أسعار المواد الأولية إلى أسعار خيالية وعدم وجود أسواق تصريف جيدة لمنتجاتهم.
يقول الحرفي أحمد السو، ويعمل في صناعة الثريات التراثية، إن الإقبال على شراء منتجاتهم خجول، لأن المنتجات باهظة الثمن وتستغرق وقتاً طويلاً حتى تنتهي، وأن تنفيذ “ثريا” قد يستغرق ثلاثة أشهر من العمل، فهناك قلة في اليد العاملة وارتفاع في أسعار المواد الأولية.
في حين يصرّ أبو محمود الحرفي في نفخ وتشكيل الزجاج، مع عدد من زملائه لا يتعدى أصابع اليد الواحدة، على مواصلة العمل في تلك الحرفة التي تتطلب شروطاً يصعب تأمينها في ظلّ الظروف الحالية من تأمين المحروقات لتشغيل الفرن بشكل دائم.
من جهته يوضح فؤاد عربش رئيس الجمعية الحرفية للمنتجات الشرقية بدمشق لـ “البعث” أن عدد الحرفيين المنتسبين للجمعية يبلغ أكثر من 300، ولكن الأغلبية ليسوا موجودين ولا يقومون بتسديد التزاماتهم، والجمعية تعمل لزيادة عدد الحرفيين من خلال تنسيب أكبر عدد منهم، وذلك لأن المهن اليدوية القديمة يجب أن تبقى وتستمر لأنها تمثل ذاكرة تراثية لسورية.
وعن أهم الصعوبات التي تواجه العمل، بيّن عربش أن انقطاع التيار الكهربائي لساعات طويلة يحرمهم من العمل فهم لا يعملون إلا ساعة واحدة فقط، كما أن المواد الأولية والمواد المستوردة باهظة الثمن، وهناك شحّ أيضاً بالمحروقات التي يتمّ تخصيصها للحرفي، وبالتالي يضطرون للجوء إلى السوق السوداء، أما بالنسبة لتصريف البضاعة فالسوق السورية معدومة نهائياً، مشيراً إلى أنه كان في السابق الاعتماد في تصريف البضاعة على السياحة، ولكن السياحة حالياً أيضاً شبه معدومة، مؤكداً أن تردي القطاع السياحي في سورية ساهم بتراجع العديد من المهن التي كانت تعتمد بشكل أساسي على السياح، ولاسيما في الأسواق القديمة، التي تنتشر فيها الصناعات اليدوية والتراثية، وتتنوع تلك الحرف بين الزجاجيات والنحاسيات.
وتتركز أبرز مطالب الجمعية -بحسب عربش- بالإعفاء من الضريبة وتأمين الكهرباء بأية طريقة، خاصة وأن المجمع الحرفي في باب شرقي يضمّ أكثر من 12 حرفة تراثية، كما أنه من الضروري مراقبة المواد الأولية، كما طالبت الجمعية بأن يكون شراء المواد الأولية عن طريق اتحاد الحرفيين لتخفيف الضرائب.