” ليس كافياً “
معن الغادري
لم تخرج الاجتماعات واللقاءات الخدمية الموسعة التي جرت على مستوى محافظة حلب، حتى الآن، عن سياقها التقليدي المعتاد، لجهة المطالب المكررة والقرارات والتوصيات التي بقيت حبيسة الأدراج، بدليل أن واقع معظم الأحياء والقرى والبلدات والمناطق التي زارتها اللجان المتخصصة المنبثقة عن المحافظة ما زال على حاله، وربما أسوأ من قبل، وهي نتيجة طبيعية لحالة التخبط والفوضى على مستوى التخطيط والتنفيذ، وهو ما يفسر بطء خطوات العمل وتعثرها وتوقفها في أجزاء عدة من خريطة العمل الخدمي مدينة وريفاً، وخاصة في الأحياء الشعبية المكتظة وقرى ومناطق الريف، والتي تعاني من ترهل ونقص كبير في الخدمات، وهو ما أشرنا اليه غير مرة دون أي استجابة من المكتبين التنفيذين لمجلسي المحافظة والمدينة والمديريات الخدمية المختصة.
ومع أهمية هذه الجولات واللقاءات الخدمية في تعزيز الثقة بين المواطن والسلطة التنفيذية، وإسهامها في رفع وتيرة الأداء ونسب الإنجاز وتحفز العاملين للقيام بواجباتهم، نجد أنه بالإمكان خروج هذه الجولات عن إطارها المألوف والتقليدي، وعن سياقها الاستعراضي والدعاية المجانية، فيما لو توفرت النية والرغبة ووضعت المقترحات والتوصيات والإجراءات موضع التنفيذ دون تسويف أو تأخير.. حينها، يمكن القول أن هذه الاجتماعات واللقاءات أتت ثمارها وجداوها، ولم تكن مضيعة للجهد والوقت كسابقاتها من الاجتماعات واللقاءات والتي جرت خلال السنوات الماضية، فما أنجز سابقاً على مستوى المحافظة من برامج وخطط ومشاريع – باستثناء تلك التي تبنتها وأشرفت عليها الوزارات المعنية – لم يكن كافياً، ولم يلب الغرض والحاجة الماسة لتحسين الواقع الخدمي ودفع عملية التنمية، إذ كانت الحاجة أكثر إلحاحاً لتنفيذ مشاريع حيوية واستراتيجية لتعزيز عاملي الانتاج والتنمية كأولوية للخروج من عنق الزجاجة، وهو ما ينبغي التركيز عليه خلال المرحلة الحالية، عبر رؤى وخطط وبرامج جدية ووضع آليات تنفيذية فورية قادرة على إيجاد مخارج لمجمل المشكلات والصعوبات العالقة، تتضمن إعادة تأهيل المعامل والمنشآت الإنتاجية التابعة للقطاع العام، وتحسين واقع الشبكة الطرقية وتسريع عملية الربط بين المدينة والريف، وتوفير حوامل الطاقة، والتوجه نحو تحقيق التنمية الريفية ودفع عجلة الإنتاج في مختلف القطاعات دون تأخير بإعتباره الداعم و الرافع للعملية الاقتصادية، وأحد أهم العوامل لتحقيق الاستقرار المجتمعي.
وهنا، يتوجب الأخذ بعين الاعتبار إعادة تنظيم آليات العمل الإداري و المؤسساتي وتفعيل الجانب الرقابي ومحاربة كل أشكال الفساد، ومن ثم البدء بالعمل التنفيذي والإنشائي، والأهم أن يقترن قول المسؤولين والمعنيين بالفعل، وبما يسهم في خلق بيئة ناضجة وملائمة لترجمة ما يصدر عن هذه اللقاءات والاجتماعات من نتائج إيجابية يلمسها المواطن عن كثب، بعيداً عن سياسة تدوير المشكلات والأزمات والتي باتت سمة العمل التنفيذي في حلب على وجه التحديد.