“أربعائيات بحكم المنطق … ولاشيء غير المنطق” قانون الإعلام وثقافة الحوار
مهدي دخل الله
الضجة التي أثيرت في وسائل التواصل الاجتماعي حول مشروع قانون الإعلام الجديد أظهرت موقعنا البائس في ثقافة الحوار . يبدو أن علم نفس الجماعة لعب دوراً كبيراً في تأجيج الأرواح نقداً للمشروع. ومن المعروف أن هذا العلم، المناهض لثقافة الحوار، يؤكد سريان الانفعال بين الناس بسرعة دون تمحيص، مثل النار التي تنتشر في الحطام دونما أذن او عائق ..
لا شك في أن المشروع بحاجة إلى نقد وإبداء ملاحظات لأنه ليس كتاباً منزلاً، بل إن مجرد مناقشته في مجلس الشعب يعني أنه بحاجة لإعادة قراءة وتعديل هنا وهناك …
لكن المشكلة هي في تضخيم النواقص والإغفاء عن الايجابيات. كتب أحد المعلقين أن لديه ملاحظات “هامة وخطيرة” على القانون – لاحظوا “هامة وخطيرة” – يبدو أنه نسي أن يكتب ” هامة جداً وخطيرة جداً ” كي يكتمل الهروب من ثقافة الحوار ..
ما أقوله هنا ليس دفاعاً عن مشروع القانون ، وإنما هو دفاع عن ثقافة الحوار . هذه الثقافة تؤكد الالتزام بالهدف المشترك. الحوار حديث بين أشخاص أو جهات ذات هدف مشترك، على عكس التفاوض. لذا فإن أهم شيء في الحوار، أي في تقنياته، أن يعمل المشاركون على مد جسور الود بينهم قبل مناقشة الموضوع. الشرط الآخر لهذا الفن هو أن يدخل كل منا الحوار مؤمناً بأن رأيه جيد لكن لا شك أن فيه بعض الخلل الذي يرجو من الآخر أن يكشفه له ، وأن الرأي المقابل ليس سيئاً بكامله وأن فيه بعض الايجابيات .
الحوار فن تعلم ، وليس فن فرض الرأي المطلق الخالص من كل عيب. لا يجوز الدخول في الحوار من منطلق أنني عبقري والآخر جاهل . وما دام الهدف واحداً ، فمن الضروري البحث عما هو جيد لدي وجيد لدى الآخر والتخلص من الشوائب في الآراء .. هكذا يمكن الوصول إلى أفضل الصيغ لتحقيق الهدف .
عودة إلى نص المشروع … الملاحظات التي يمكن طرحها حوله لا تلغي ايجابياته. إنها مجرد ملاحظات تعزز النص وتجعله أفضل مع التأكيد على أن غالبيتها يتعلق بأمور أقل أهمية، وأن هناك عدداً محدوداً من الملاحظات الجوهرية، خاصة فيما يتعلق باستقلال الإعلام، وحماية الصحفي، وحقه في الحفاظ على مصدر معلوماته، إضافة إلى بعض التعديلات بخصوص الإعلام على الشبكة الالكترونية …
mahdidakhlala@gmail