دراساتصحيفة البعث

التغيير ضرورة.. ولكن برؤى وآليات متوافق عليها؟!

بلال ديب

بعد الكثير من الحوارات الفردية على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، كانت الإرادة أن تكون الحوارات ثنائية وجماعية داخل المؤسسات، لا سيما مؤسسة الحزب، وهو ما كشفه الرفيق الأمين العام، د. بشار الأسد، في لقائه مع المفكرين والكتاب البعثيين، مشدداً على رغبته بأن يكون، سيادته، جزءاً من الحوار، وليس متابعاً له.

وبما أن الرؤية أساس العمل، فيجب تطبيقها من خلال الإجراءات، ولكن لا يمكن ربط الرؤية بالإجراءات إلا من خلال المفاهيم. وهنا تبرز أهمية الحوار لتحديد كل ذلك بشكل جماعي، ما يعزز المشاركة، وبالتالي نصل إلى الآليات الصحيحة لتطبيق الرؤية الجماعية.

وإذا أردنا الحديث عن التغيير كأحد المتطلبات الضرورية لأي مرحلة، ولأي كيان سياسي، فلا بد من أن نبدأ بتحديد الآليات التي يجري من خلالها التغيير، فبدون وضع المعايير لا يمكن تحديد ما يجب تغييره؟ أو متى؟ وكيف سيتم ذلك التغيير؟ وستكون المطالبة بالتغيير مجرد تشويش لا طائل منه، فالبنى الحزبية أو المنظمات والاتحادات والنقابات التي تعتبر محركات أساسية للعمل الحزبي، ورافداً أساسياً للحزب بالكادر البشري أو بالنشاط المجتمعي، تحتاج إما للتغيير أو للاستبدال أو لإنتاج بدائل عنها، ولكن كل هذا لا يمكن الحديث عنه، قبل إيجاد الآليات، وفقاً للرفيق الأمين العام في معرض رده على هذا الطرح خلال حواره مع المفكرين والكتاب البعثيين.

وهذا المبدأ يمكن استلهامه كمنهج للعمل، فكل تغيير يمكن العمل عليه بعد تحديد الرؤية والآليات، وستكون النتائج حينها متطابقة مع أهداف التغيير، وإلا ستكون مجرد أهواء أو ردود أفعال قد يثبت مع الزمن خطأها أو عدم جدواها، وخطوة الانتخابات الحزبية اليوم لا تنشد التغيير بل هي تعميق للمشاركة وفرض رأي الأغلبية. وسواء حصل التغيير في الأسماء أم لم يحصل، ستكون الغاية من الانتخابات قد تحققت وأصبح لدينا نظام انتخابي واضح وصحيح كواحد من أهم الآليات لبناء المؤسسات.

وبالعودة لما يجري على مواقع التواصل الاجتماعي من طروحات حول التغيير، أو محاولة مصادرة الرأي العام حول حتمية التغيير الكامل لكافة المفاصل (“كي يرضى المواطن”، على حد تعبير بعض الناشرين!) فلا يمكن الاعتماد على هذه الطروحات مهما كانت رائجة بمفهوم السوشيال ميديا، فالتغيير يرتبط بالرؤية والمفاهيم والآليات، وكل ذلك غير ممكن بدون الحوار الجماعي الذي ينتج أفكاراً ترسم وتحدد الأهداف الواجب تحقيقها بدقة.

فجدلية أن التغيير كاف لنحصل على أفراد جيدين، ومؤسسات جيدة، كانت واضحة في حديث الرفيق الأمين العام، على مبدأ أن “أشخاصاً جيدين في مؤسسات سيئة سينتج فشلاً، أما أشخاصاً غير جيدين في مؤسسات جيدة سينتج نجاحاً”، لأن المؤسسات، مع مرور الوقت، ستكون قادرة على التغيير الممنهج (لأنها تملك رؤية وآليات) حتى الوصول إلى ما هو مناسب لسير المؤسسة بما يخدم المصلحة العامة.

وبالتالي، لا يصح الحديث عن التغيير قبل أن تتضح الرؤى، ويتم الاتفاق عليها، وتوضع لها الآليات المناسبة لعمل كل مؤسسة، وتحديد الأدوار والمهام والمسؤوليات، وتحقيق المشاركة العامة والرأي الجماعي.