“قراءة في أفكار ولقاءات الرفيق الأسد”.. ندوة حوارية في فرع حلب
حلب – غالية خوجة
لا يتناغم الفضاء الوطني وجذوره وفروعه إلاّ من خلال الثقافة كهوية وانتماء وطني فكري ومستقبل مثقف فاعل ومتفاعل مع كل العوامل الداخلية والخارجية، وأن يكون متداخلاً مع الرؤيا والرؤية الشاملتين لإنتاج الآتي من خلال الحاضر والماضي.
وتتشكل هذه البنية الكينونية من عوامل وعناصر متضافرة منها الوطنية والهوية والحزبية والحالة السياسية والاقتصادية والوعي الذاتي والجمعي والأخلاقي والتشاركية في الاختيار والقرار والكيفية والنوعية والحوار العميق، إضافة للبنية الناظمة لها وانعكاسها على العلاقة بين الحزب والسلطة، لتشكّل جميعها مداراً من مدارات ثقافة الفكر ومتغيراتها، وكيفية تطويرها من خلال بنائيّة الإنسان وثقافته الحوارية، وما تولّده من أفكار جديدة مناسبة وهادفة.
إن هذه المدارات المتشابكة من أهم الركائز المحورية التي أضاءها ويضيء عليها الرفيق الأمين العام للحزب السيد الرئيس بشار الأسد في لقاءاته المتنوعة مع الإعلام المحلي والعربي والعالمي والكتّاب والأدباء والمثقفين والمفكرين والفنانين والشباب والطلبة وأهاليهم وأهالي الشهداء وفئات المجتمع.
وهذا ما أكد عليه الرفيق عماد الدين غضبان عضو قيادة فرع حلب لحزب البعث العربي الاشتراكي، رئيس مكتب الإعداد والثقافة والإعلام الفرعي، في الندوة الحوارية التي أقامها الفرع في مقرّه، احتفاءً بثورة الثامن من آذار، والانتخابات الحزبية، ولقاءات الأمين العام. وشارك في الندوة كل من الرفيقين د. محمد الحسين، أمين شعبة عدنان المالكي، ود. فاروق أسليم، عضو المكتب التنفيذي لاتحاد الكتّاب العرب.
فلسطين البوصلة
وقدّم د. الحسين قراءة في لقاء الرفيق الأسد مع الصحافي الروسي فلاديمير سولوفيوف، مشيراً إلى الرسائل الكثيرة التي تضمنها هذا اللقاء، بدءاً من إجابات الأمين العام حيال ما يدور في الساحات المحلية والعربية والعالمية، وخصوصاً، قضية غزة، والتي تحدث فيها باختصار وعمق مؤكداً أن القضية والبوصلة هي فلسطين، وذلك منذ تاريخ الصراع الممتد لعقود زمنية.. كما تحدث الرئيس الأسد عن دور الحكومات العربية، وازدواجية الغرب، وتأثير العقوبات على سورية وروسيا وإيران والعراق وكوبا وكوريا وغيرها، مؤكدا أن هذه العقوبات لا بد وأن تحاصر من يحاصر هذه الدول التي تتضافر معاً.
ولفت المحاضر إلى أن أهمية إجابات الأمين العام تنبع من قراءتها المنطقية للواقع والماضي والمستقبل، لأن سورية لم توافق على التنازلات، ولم تخن نفسها، وشعبها واعٍ، وقيادتها متماسكة، وصمودها عام ومتكامل.
قبل وأثناء وبعد اللقاء
وبدوره، أكد د. فاروق أسليم الذي كان من بين المشاركين في لقاء الرفيق الأسد مع الكتّاب والأدباء والمفكرين البعثيين، على المنطلقات النظرية والعلمية والتجربة النضالية التي تطور بها “البعث” ضمن قاعدة ذهبية (الأهداف الثابتة بوسائل متغيرة)، ومنها الانتخابات الهادفة إلى المشاركة الواسعة وتغيير المفاهيم والمعايير والإجراءات والأساليب النمطية، فلا حزب دون قواعد، وبنية الحزب وطنية شعبية اجتماعية، لا حزب سلطة كما فهمها البعض فاستغل الحزب.
ثم تحدث عن عدة نقاط بدأها من 3 عناوين: ما قبل اللقاء، أثناء اللقاء، ما بعد اللقاء، مشيراً إلى الاهتمام الواضح للأمين العام للحزب بالثقافة والمثقفين والكتب، وكيف يتواصل باستمرار مع الباحثين والمفكرين. وكانت هناك أسئلة دقيقة منها: ما الذي يريده البعثيون من الحزب؟ ما العلاقة السليمة؟ كيف نكوّن علاقة ناجحة مع السلطة التنفيذية والجمعيات والانتخابات؟ ما معنى الدور الجماهيري؟ هل من ضرر لو كانت في الحزب أفكار مختلفة؟
وأثناء اللقاء لمسنا ثقافة إنسانية ومهتمة وعارفة، وأكد سيادته أنه يريد أن يستمع إلينا أكثر من أن يتحدث، وفي افتتاحيته الترحيبية أكد على الحوار، مشيراً إلى ضرورة الأسئلة والإجابات والإجراءات والواقع العملي لخدمة الناس والأفكار الفردية بصيغة اتفاق، لا بصيغة إجماع، إضافةً إلى أن الحزب يحتاج إلى رؤى جديدة، ومفاهيم لعلاقات الرؤى، ومعايير لهذه المفاهيم، وإجراءات التطبيق.
وتابع أسليم: نقول مثلاً “الرجل المناسب في المكان المناسب”.. ما معايير من هو المناسب؟ ومعايير المكان المناسب؟ لا بد من حوار وطني قومي سياسي ثقافي اجتماعي فكري محلي وعربي بين الأيديولوجيا الحزبية وممارسة السياسة، فلا تطابق بين الأيديولوجيا والسياسة، ولا انقضاض للأخيرة على الأيديولوجيا، وستظل فكرة القضية القومية العربية مستمرة، مع التأكيد على أهمية الدراسات الاجتماعية، واهتمام الدارسين، محايثة مع ما أكّد عليه سيادته في هذا المجال، وهو ضرورة خروج التفكير من الصندوق ليكون تفكيراً متفاعلاً مع الناس، يخاطبهم، يعرف همومهم، وهذا من أهداف الحزب الثابتة، فالاشتراكية، مثلاً، تعني تحقيق العدالة الاجتماعية، وتجربة الصين “المارد الكبير” خير مثال، أمّا الليبرالية الحديثة ومخاطرها وأهدافها فتتلخص بتحطيمها للقيم وتفريغ الإنسان من العقل والأخلاق والدين وتهديم الأسرة والمجتمع.
وأردف د. أسليم: لذلك، نحن بحاجة لتضييق دائرة السلبيين واللا مبالين مع توسيع دائرة الثقة، لأن حزب البعث للوطن، وأكد على استحداث برامج تخدم الناس وآليات عمل مناسبة مع تحوّلات مناسبة، مجيباً عن الفكر الإقصائي بأنه بدأ منذ عام 1492 مع سقوط غرناطة في الأندلس، فلم نستطع النهوض بكامل قوتنا العربية القومية، لكننا محافظون على مبادئنا الثابتة في خدمة الوطن برؤيا جديدة، ومعالجة الخلل، وتقوية الجبهة الداخلية من خلال الحوار.
بدوره، قال الرفيق أحمد منصور أمين فرع حلب للحزب أن الاجتماع الموسع في اللجنة المركزية كان لقاء تاريخياً مع سيد الوطن، شفافاً، وعميقاً، وكاشفاً عن خلل في العمل الحزبي، والواجب أن نضيء إليه، وناقشنا العديد من التساؤلات الخاصة بالمصلحة العامة للوطن والمواطن والحزب.