سيناريوهات الوقت الضائع
تقرير إخباري
منذ عام 2014 دخلت القوات الأمريكية إلى سورية بصورة غير شرعية أو قانونية سواءً على الصعيد الأمريكي – حيث تم ذلك دون مرور القرار بالكونغرس-، أو على الصعيد السوري، إذ تعتبر قواعد تلك القوات غير شرعية ومحتلة حتى اللحظة، بل وتنهب ثروات الجزيرة السورية من نفط وقمح، كما دخلت تلك القوات إلى العراق وبالذريعة ذاتها “محاربة داعش”، ومن ثم مارست إدارة صراع وضربات توجيهية ضدّ ذلك التنظيم الذي تلقى أكبر الخسائر على أيدي الجيشين الوطنيين في سورية والعراق والقوات الصديقة والمقاومة الشعبية.
ورغم اندحار التنظيم عن معظم الأراضي التي وقعت تحت رجسه في العراق منذ عام 2017، وفي سورية منذ عام 2019، إلا أن الإدارة الأمريكية ورغم إدعائها بالانسحاب لم تنسحب من البلدين، مبقية 900 جندي في سورية بحجة دعم ميليشيا “قسد” المرتهنة لهم، و2500 جندي في العراق بحجة تقديم المشورة للقوات العراقية.
ورغم المطالبات الداخلية الأمريكية التي اعتبرت وجود تلك القوات في المنطقة لا فائدة منه بل على العكس يجلب الخسائر البشرية لها، ولا سيما مع تشديد ضربات المقاومة في المنطقة لمواقعها غير الشرعية في سورية والعراق والأردن، بل حتى في قاعدتها الأكبر “إسرائيل”، والسورية أمام جهات القانون الدولي، والعراقية من قبل البرلمان، إلا أن الإدارة الأمريكية ما زالت تطلق التصريحات والتسريبات المتناقضة من أطراف عدّة حول ذلك الانسحاب الذي لا مجال للهروب منه مع كم تطورات الأحداث في المنطقة.
كما تحاول الإدارة الأمريكية ابتداع سيناريوهات تطيل أمد تواجد قواتها في المنطقة فتارة تقول، إن موضوع الانسحاب ستتم دراسته بعد استلام الإدارة الأمريكية الجديدة لمهامها، وتارة أخرى تلجأ لتحريك قطعان إرهابها في بعض المناطق في سورية والعراق للفتك بالأبرياء والمدنيين، وفي الوقت نفسه لم تتصدى لتلك القطعان أو تعلن عن أي عملية لتصفيتهم، سوى بالكلمات والعبارات الجاهزة مثل “محاربة الإرهاب.. نشر لهيب الديمقراطية”.
لا بد لتلك القوات أن تساير مجمل التطورات في المنطقة لأنها لم تعد لصالحها، فحلفاءها بالأمس باتوا يكنون لها كل الكره، ولم يعودوا راغبين بوجود أي قوى تدّعي حمايتهم لمجرّد نهب ثرواتهم، وتوجهوا نحو الشراكات البينية –عكس الإرادة الأمريكية التي أرادت زرع الشقق والخلاف-، ومع قوى الشرق كبديل عن الغرب، كما أن الشعب الأمريكي لم يعد يحتمل خسائر جنوده البشرية بلا طائل أو مبرر مقنع، كذلك فإن قوى المقاومة ما زالت تزيد من عيار قواعد اشتباكها ضد العدوان الأنغلوساكسوني والصهيو-أمريكي في المنطقة، ومستعدون لفتح جبهات واسعة وكبرى في حال توسيع جبهة الحرب على غزة إلى أي بلد في المنطقة كمحاولة للهروب إلى الأمام والتشبث برمال المنطقة التي ستبقى رخوة تحت أقدام جحافلهم مهما غيروا من ذرائع وجودهم.
بشار محي الدين المحمد