أخبارصحيفة البعث

معايير مزدوجة ونفاق أمريكي

تقرير إخباري

بينما يستمرّ الوضع الإنساني في قطاع غزة في التدهور، قام الجيش الأمريكي بإسقاط المواد الغذائية والمياه على المنطقة. وفي اليوم نفسه، أعلن البنتاغون أن سفن الجيش الأمريكي تتجه أيضاً إلى شرق البحر الأبيض المتوسط لبناء رصيف لتوصيل المساعدات للمدنيين في غزة. ومع ذلك، فإن الإدارة الأمريكية تدفع بنفسها إلى مستنقع، ما يدل على مستوى عالٍ من المعايير المزدوجة والنفاق.

فمن ناحية، أصبحت الولايات المتحدة شريان الحياة الرئيسي للكيان الإسرائيلي، حيث قدّمت كمية هائلة من المعدات والذخيرة والأسلحة بجميع أنواعها، والاستخبارات العسكرية، فضلاً عن الأموال. ومن ناحية أخرى، اتخذت الولايات المتحدة بعض الإجراءات التي تزعم أنها تهدف إلى تقديم المزيد من الدعم الإنساني للشعب الفلسطيني، والتخفيف من وآلامه ومعاناته. ومع ذلك، حتى قبل أن يجف حبر التصريح الأمريكي، صرح الجيش الأمريكي بأن بناء الرصيف قد يستغرق ما يصل إلى 60 يوماً قبل أن يبدأ الرصيف في العمل وتلقّي الإمدادات من الخارج.

فكيف يمكن الانتظار 60 يوماً أخرى أو نحو ذلك؟ يجب على حكومة الولايات المتحدة أن تتخذ إجراءاتٍ فورية من خلال فرض وقف إطلاق النار مع الإسراع في الوقت نفسه في بناء الرصيف المؤقت، وينبغي دعوة المجتمع الدولي إلى الإسراع بإيصال الإمدادات إلى غزة لتخفيف آلام ومعاناة الشعب الفلسطيني.

لا يبدو أن الولايات المتحدة تظهر أي التزام حقيقي أو رغبة في إنهاء الحرب الإسرائيلية الهمجية على سكان غزة، كما أنها لا تهتم كثيراً بأعداد الضحايا المدنيين في غزة، وأزمة غزة تتحوّل بسرعة إلى بيدق في الانتخابات الرئاسية الأمريكية، ويبدو ذلك من خلال حديث دونالد ترامب وجو بايدن عن الأزمة في غزة وكيفية التعامل مع الكيان الإسرائيلي، فهما لا يريدان حل المشكلة والأزمة على الفور، بل إنهما يفضلان الحصول على المزيد من الأصوات من خلال ممارسة التكتيكات الانتخابية، بأي طريقة ممكنة.

ورغم أن أزمة غزة في حدّ ذاتها تشكّل واحدة من أهم وأفظع المآسي الإنسانية في التاريخ، إلا أنه من المرجّح أن يتركّز الاهتمام بشكل أكبر على القضايا الداخلية بدلاً من القضايا الدولية، ولكن أزمة غزة ستؤثر دون شك في الانتخابات بطرق عديدة.

 

فمن المتوقع، من جهة، أن يحشد العديد من الأمريكيين جهودهم لحثّ الناس على عدم التصويت لمصالحة بايدن، فهم ينظرون إلى بايدن على أنه خذل الولايات المتحدة بفشله في الوقوف بحزم في الدفاع عن السلام والحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني. ومن جهة أخرى، يشعرون بالإحباط بسبب الفشل الكامل للولايات المتحدة في المساعدة على إنهاء المآسي في غزة. وهم يشعرون بالفزع إزاء حقيقة أن الولايات المتحدة منعت مراراً وتكراراً صدور قرارات في مجلس الأمن تدعو إلى وقف فوري لإطلاق النار في غزة. وسيحاول النشطاء السياسيون تحميل بايدن مسؤولية فشل الولايات المتحدة في تعزيز وقف إطلاق النار، وهو فشل أثبته للعالم أجمع.

عناية ناصر