“العربجي”.. بين الرواية والدراما
أمينة عباس
حقق مسلسل “العربجي”، تأليف عثمان جحى وإخراج سيف السبيعي، في الموسم الرمضاني الماضي نجاحاً كبيراً، ليتابع المُشاهد في الموسم الرمضاني الحالي جزأه الثاني الذي يُعرض حالياً على العديد من المحطات، في الوقت الذي أصدر فيه جحى روايته الأولى التي حملت عنوان “العربجي.. أبواب الموت والحياة” والتي ما إن أعلن عن صدورها حتى تبادر إلى ذهن الغالبية أن نجاح المسلسل كان سبباً في كتابته للرواية، في حين أكد في تصريحه لـ”البعث” في حفل التوقيع الذي أقامه في مقهى الروضة بدمشق أن كتابة الرواية كانت في ذهنه قبل كتابة سيناريو المسلسل، وأجَّل كتابتها إلى ما بعد الانتهاء منه، مبيناً أن الرواية مغايرة بأحداثها عن المسلسل، وإن بقيت الرسالة واحدة في المسلسل والرواية من حيث الانحياز للمهمّشين والمحرومين والمقهورين، مع وجود تقاطع بين الرواية وبعض شخصيات السيناريو، وأسعده أنه استطاع من خلالها قول ما لم يستطع قوله في المسلسل، سارداً فيها دوافع وكوامن الشخصيات وتاريخها، وهذا ما لا تستطيع الدراما أن تقوم به في كثير من الأحيان، لأن الصورة البصرية قد لا تستوعب كل ما يريده الكاتب، في حين أن الرواية عادةً أعمّ وأشمل، والأدب برأيه أقوى من الدراما لأنه يستطيع إيصال كلّ شيء، فالرواية مكتملة، لها بداية ونهاية، ولكي تكون ناجحة تحتاج إلى مخيلة ولغة وأسلوب وعنصر جذب إن غاب لا يستطيع الكاتب شدّ القارئ، موضحاً أنه اختار مقهى الروضة الذي لم يوقَّع كتاب فيه منذ سبعينيات القرن الماضي، لكونه مكاناً عريقاً وله تاريخ ويُمثّل ذاكرة لدى الناس.
عوالم لم يتطرق لها المسلسل
وأشار المخرج التلفزيوني باسم السلكا في تصريحه لـ”البعث”، وهو الذي حضر حفل توقيع الرواية، إلى أنه عادةً ما يتم تحويل رواية من الروايات إلى عمل تلفزيوني وأي مسلسل يبنى على رواية يكون متماسكاً أكثر بشخصياته الواضحة والمستوحاة من العناصر الواقعية، مع تأكيده أن فكرة الرواية كانت في ذهن الكاتب قبل كتابته لسيناريو المسلسل، ففي حديث سابق له مع جحى منذ ٥ سنوات كان قد تكلم عن موضوع الرواية التي على ما يبدو لم تسنح الظروف لكتابتها قبل المسلسل، من دون أن يخفي أنه متحمس لقراءتها لأنه متيقن من أنها ستقتحم عوالم لم يتطرق إليها المسلسل، لأن الرواية تتيح المجال لكاتبها أن يكتب بحرية أكثر من كل ما يريد تناوله، من دون أن يأخذ بالحسبان متطلبات العمل الدرامي كما في السيناريو، معبّراً السلكا عن تأييده لهكذا تجربة بسبب الغربة الواقعة اليوم بين الناس والكتاب.
رواية أخرى
وبدا الكاتب عماد نداف حتى قبل قراءة الرواية، متيقناً من أن جحى لم يفكر بأن يستنسخ المسلسل، وإن حقق النجاح الكبير الذي حققه، وأنه متأكد من أن جحى في رواية “العربجي” يكتب رواية مختلفة عن المسلسل، وإن حملت نفس الفكرة والرسالة ومحاكاتها لمرحلة من تاريخ دمشق، مشيراً إلى أن أكثر ما يلفت الانتباه في مسلسل “العربجي” وجود البطل الشعبي، حيث تمكّن الكاتب من تقديم هذا النموذج وقد جرّده من المبالغة وازدواج الشخصية، فكان إنساناً بمشاعر وبطلاً شعبياً في الوقت نفسه، مبيناً أن هذا المسلسل يجب التوقف عنده، وخاصة على صعيد البيئة الشامية التي قدمها الكاتب بشكل مختلف.
قوة الكاتب
وعبّر الفنان فارس ياغي الذي شارك في المسلسل عن سعادته بأن تكون رواية “العربحي” مادة أدبية مصوّرة، فهذا شيء مهم له على المستوى الشخصي ليستفيد من أفكار عثمان جحى وخياله الذي يطرح به شخصياته، مع توقعاته أن تحقق الرواية النجاح كما حققه المسلسل، وأنه متشوق ليقرأ كيف نسج الكاتب الحكاية في الرواية، مع تأكيده أن تحويل فكرة النص الدرامي إلى أدب يدل على قوة الكاتب، وأن هذه الرواية تستحق لأن تكون بين يد الجمهور لأن ذاكرة التلفزيون قصيرة.
خطوة مهمة
ورأى الفنان نضال نجم أن الانتقال من كتابة المسلسلات إلى كتابة الرواية خطوة مهمة وليست بغريبة على جحى المحبّ للكلمة، خاصة وأن أدب الرواية أشمل وأوسع إنسانياً، وهي تتلاءم مع فكره وشخصيته.