بوريل المتفاجىء .. أي سياسي هذا؟!
تقرير اخباري
استيقظ مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل فجأةً على أن الاحتلال الإسرائيلي “تسبب بحدوث مجاعة في قطاع غزة”، وأنه، أي الاحتلال، يستخدم التجويع سلاحاً في “الحرب”، و”شدّد” كعادة المسؤولين الأوروبيين الغارقين في حب “إسرائيل” على “أن ذلك غير مقبول”، دون أن يسارع هو وغيره من هؤلاء المسؤولين إلى القيام بمحاولات جادة لإيقاف العدوان النازي الهمجي الإسرائيلي على مليونين ونصف المليون من المواطنين الفلسطينيين المسجونين والمحاصرين منذ زمن طويل دون أن يلتفت أحد إلى معاناتهم، ومسائلة سجانيهم عن أسباب هذا الحصار أو السعي إلى فكه.
بوريل ومن باب المحاولة الوقحة والخبيثة لرفع العتب عن الموقف والدور الأوروبي في دعم مجازر الاحتلال الإسرائيلي على الفلسطينيين والتي تجاوزت حتى اليوم 31726 شهيداً و73792 جريحاً، عدا عن المدن والبنى التحتية والمستشفيات المدمرة والعاجزة عن تقديم الخدمات لضحايا العدوان، بالإضافة إلى نزوح مليون ونصف مليون إنسان إلى رفح جنوب غزة والمهددة هي الأخرى بمصير شمال القطاع، لم يدعو إلى فرض وقف فوري لإرسال السلاح الأمريكي والأوروبي إلى جيش الاحتلال النازي، كما لم يدعو إلى فرض عقوبات اقتصادية أو قطع العلاقات الدبلوماسية مع كيان الاحتلال لإجباره على وقف العدوان، بل قال في بروكسل “خلال افتتاح مؤتمر بشأن المساعدات الإنسانية إلى القطاع”: “في غزة لم نعد على شفا المجاعة نحن في حالة مجاعة يعاني منها آلاف الأشخاص.. هذا غير مقبول.. المجاعة تستخدم سلاح حرب.. (إسرائيل) تتسبب بالمجاعة”.
موقف بوريل هذا غير المستغرب لإنه لايفي بأقل متطلبات إنقاذ غزة من عدوان “إسرائيل” وإبادتها الجماعية للشعب الفلسطيني، قد يكلفه منصبه على المدى القريب، فالصهيونية والعنصرية المسيطرة على الأمريكيين الأوربيين لا ترى في شعوب العالم في الشرق والجنوب سوى “حيوانات يجب حصارها وقتلها”، وهو ما نطق به بوريل سابقاً حين شبه أوروبا “المتميزة” بـ”حديقة”، والعالم من حولها بـ”أدغال” التي يمكن أن تغزو الحديقة، كما كان قد وصف أوروبا بأنها “حيوان عاشب وسط الحيوانات المفترسة”.
في النهاية لا يمكن أن تكون المواقف الأوروبية والأمريكية شاذة عن نهج دعم “إسرائيل” وحمايتها عسكرياً توفير الغطاء لمنع المسائلة القانونية والأخلاقية عنها، فهي القاعدة المتقدمة للمشروع الصهيوني في المنطقة والعالم، وما تصريحات المسؤولين الأوربيين كبوريل وأمثاله سوى لرفع العتب، وما التسريبات حول الخلافات بين الإدارة الأمريكية وحكومة بنيامين نتنياهو سوى محاولات لذر الرماد في عيوب الشعوب الأمريكية والأوروبية، التي ملأت الشوارع وقاطعت خطابات داعمي المجرمين الإسرائيليين في أكثر من مناسبة، فهذه الشعوب لم تعد تحتمل أن تجد نفسها مشاركة في إبادة جماعية و”أبرتهايد” جديد، منقول إلى العالم بشكل مباشر وعلني ومفضوح على وسائل التواصل الاجتماعي ومنصاته.
إبراهيم ياسين مرهج