“زحمة يا دنيا زحمة”.. والحلول غائبة!!
غسان فطوم
يبدو أن مسلسل انتظار المواطنين على مواقف الباصات والسرافيس لن ينتهي، فرغم كلّ المحاولات والإجراءات لضبط الحركة لكن دون جدوى، وعليه بات منظر الازدحام الشديد على المواقف في الصباح والمساء مشهداً مؤلماً جداً، حيث ترى العشرات يتدافعون بطريقة غير حضارية لدرجة العراك بهدف الوصول لداخل المركبة.. مشهد يأخذنا إلى ثمانينيات وأوائل تسعينيات القرن الماضي، عندما كانت كراجات الانطلاق تشهد “صراعاً” بين الركاب للفوز بمقعد أو حتى بمكان على الواقف داخل باصات “الهوب هوب” بين المحافظات، وأيضاً على خطوط النقل الداخلي العام والخاص ضمن المدن، نظراً لقلة وسائل النقل العامة في ذاك الوقت.
وفي البحث عن خلفية المشكلة، وبالاستناد إلى رواية المواطنين، تبرز أولى الأسباب باتهام السائقين بالتسرب، بل الهروب من خلال عدم الالتزام على الخطوط كونهم يفضّلون بيع مخصّصاتهم من المازوت، وهم بذلك يضربون أكثر من عصفور بحجر واحدة، حيث يرتاحون من “تدافع” الركاب، ويوفرون دفع تكاليف زيوت المحرك واهتراء الدواليب والمحافظة على هيكل المركبة، فيما انتقد آخرون ضعف إجراءات ضبط حركة السير على الخطوط الداخلية على الرغم من إلزام السائقين تركيب جهاز التتبع الـ “GPS”، متسائلين عن جدواه طالما لا يتمّ محاسبة المخالفين وغير المبالين بمعاناة المواطنين من الازدحام والاختناق في رحلة البحث عن مقعد!
قلة المواصلات تركت آثاراً سلبية كبيرة انعكست في جانب كبير منها على غياب عدد كبير من الموظفين عن العمل، وطلبة الجامعة وحتى المدارس عن الحضور، وبالإضافة إلى السبب السابق (هروب السائقين) فإن ارتفاع أسعار المازوت والبنزين كان له تأثير أيضاً، فأول كلمة يقولها سائق المركبة “ما عاد توفي معنا” في إشارة إلى نظام الأجرة غير العادل من وجهة نظره قياساً بسعر المحروقات، فالمخصّصات المدعومة – بحسب السائقين – لا تكفي مما يضطرهم للشراء من السوق السودا، وبالمحصلة يجد صاحب المركبة نفسه خاسراً، مما يجعله يفضّل بيع مخصّصاته “المدعومة” فهي بالنتيجة أوفر له!
وكان واضحاً سوء تنظيم حركة السير، فمن يذهب ويشاهد فوضى المرور بالقرب من وكالة سانا بدمشق – على سبيل المثال لا الحصر – يتأكد من ذلك، ما يزيد من المعاناة، وهنا شكا المواطنون من جشع سائقي باصات النقل الداخلي، على الخطوط الداخلية والخارجية الذين يحملون المركبة ضعف مقاعدها، بل وأكثر، وعند سؤال أحد السائقين عن السبب لم يتردّد بالقول: “أنا أبحث عن لقمة عيشي ولا ذنب لي في هذه الفوضى”.
وفي المنطقة نفسها، وكذلك في منطقة السومرية، وغيرها من المناطق، شكا العديد من المواطنين من حدوث عشرات السرقات (نقود وموبايلات) مطالبين بوجود عدد أكبر من الضابطة المرورية أو دوريات الشرطة لمراقبة هؤلاء اللصوص الذين يستغلون الزحمة.
بالمختصر.. هذا جانب من المعاناة المزمنة مع مشكلة الزحمة في دمشق وغيرها من المحافظات في ظلّ عدم وجود عدد كافٍ من المركبات، وعدم المحاسبة والمساءلة على نطاق واسع لمن يخالف أنظمة السير، ويتلاعب بالمخصّصات، الأمر الذي يتطلب تدخلاً قوياً من المكاتب المختصة في المحافظات والمجالس المحلية في المدن والمناطق لضبط حركة السير، وخاصة في الصباح ووقت الظهيرة على أمل وضع حدّ لمسلسل المعاناة هذا!!.