أسواق الألبسة خاوية ووهم ماركاتها يتلاشى.. والبالة تدخل سباق التسويق الإلكتروني!
ميس بركات
على أمل تحريك سكون أسواق الألبسة، يحاول تجار الألبسة في محالهم الخاوية استدراج الزبائن قُبيل العيد، بالإعلان عن تنزيلات “وهمية” تصل إلى الـ 50% وربما أكثر، خاصة وأننا على أبواب العيد، لكن بالنظر إلى حركة السوق نجد أن عيد الأم لم ينجح هذا العام في تنشيط حركتها، بل على العكس فقد قفزت أسعار الألبسة أكثر من 20% خلال الأسبوع الماضي بدلاً من انخفاضها في موسم التنزيلات!!
نخب عاشر
ولم يُخف أصحاب المحال شح عمليات البيع والشراء خلافاً للأعوام الماضية التي كانت فيها قليلة، إلّا أنها كانت موجودة نوعاً ما، فارتفاع أسعار الألبسة أكثر من 70% مقارنة بالعام الماضي وبقاء القدرة الشرائية متدنية وغير متوافقة مع أسعار جميع السلع بحسب الصناعي عماد قدسي جعل نسبة المبيعات تنخفض أكثر من 50% عن الأعوام الماضية، وخلق كساداً كبيراً للبضائع التي تُباع بأضعاف سعرها في الشتاء المُقبل، وهنا –والكلام لقدسي- لا يمكن إلقاء اللوم على الصناعي الذي يضع هامش ربح بسيط له، إلّا أن ارتفاع أجور النقل ونسبة الربح الكبيرة التي يضعها التاجر البائع له تتفوق على هامش ربح الصناعي بعشرات الآلاف تحت ذريعة الضرائب وأجرة المحال المرتفعة وغيرها من الحجج التي لا تشفع لوصول سعر بعض أنواع الألبسة الداخلة بصناعتها أقمشة نخب عاشر إلى مئات الآلاف في الوقت الذي لا تزيد تكلفة صناعتها الخمسين ألف، أي أن العامل الأساسي الذي يجب وضعه بالحسبان عند صناعة الألبسة هو الخيط وحوامل الطاقة التي تزيد من سعر القطعة.
منافسة المهرب
في المقابل لعب التسويق الالكتروني لبضائع مهربة دوراً كبيراً في شل حركة الأسواق، لتنافس الألبسة المهربة الصناعة المحلية لجهة جودتها وسعرها المُنافس في الكثير من الأحيان، فمع خروج الألبسة المحلية من حلبة المنافسة العالمية نتيجة ارتفاع سعرها مقارنة بالدول المجاورة عبّد الطريق أمام “تهريب” شتى أنواع الألبسة، بماركات وموديلات وجودة وسعر لا يحققه المحلي في حال استمرار سياسة الحكومة تجاه الصناعيين وعدم تلبية متطلباتهم المتمثلة بإعادة دراسة أسعار حوامل الطاقة، ومنها الكهرباء، لوصول المنتج بتكلفة قادرة على المنافسة، وعودته إلى جميع الأسواق العربية، إضافة إلى تخفيض رسوم الجمركة وأجور النقل والتعبئة.
بالة الكترونية
كذلك لم تسلم محال الماركات الكبرى من حالة السبات التي رافقت المحال التجارية الأخرى، فعلى الرغم من العروض والإعلانات والشرائط الحمراء التي تدل على وجود تخفيضات بنسب تراوحت بين الـ 30 – 70%، إلّا أن الحال بقي واحداً، فسعر الجاكيت الشتوية بعد التنزيلات الخارقة ما زال يفوق الأجر الشهري، وسعر البيجامة في أحسن أحوالها تناسبت طرداً مع الأجر الشهري بعد الزيادة الأخيرة، بالتالي فإن “العلّة” باتت معروفة للغالبية العظمى من المواطنين ولم يعد هنالك داعٍ لشرح المشروح الذي جعل من أسواق البالة ملاذاً لهم، خاصّة وأن تنزيلاتها كانت الأصدق هذا العام – بحسب تاجر الألبسة أيمن الخالوصي – فبعد أن ارتفعت أسعار الألبسة فيها بشكل كبير بداية الشتاء وعزوف المواطنين عن دخولها، عدّلت اليوم تسعيرتها لترقّع خسارتها في الأشهر الماضية، ناهيك عن دخول الكثير من هذه المحال عالم التسويق الالكتروني أيضاً، الأمر الذي يضاعف أرباح المحل، لافتاً إلى توجه الكثيرات اليوم للعمل بمجال التسويق في هذه المحال بحيث تختلف أجرة تسويق القطعة من منطقة لأخرى بحسب أجرة المواصلات التي ستدفعها، إلّا أن الحد الأدنى لتسويق أي قطعة يبدأ من 20 ألف، لذا نجد أن هذا النوع من التسويق بالنسبة لأسواق البالة لن ينجح لاسيّما وأن المواطن يبحث في هذه الأسواق عن الرخص لا عن دفع المال على الكماليات.
مخالفات بالجملة
ويجمع أهل الكار على وجود فائض كبير في الألبسة التي لا يمكن تصريفها إلّا عن طريق التصدير في ظل انعدام القدرة الشرائية واعتبار أغلب الأسر شراء الملابس لا يخرج من دائرة الكماليات والرفاهيات، برأي الصناعي سامر الصبّاغ الذي وافق الجميع بأن ارتفاع سعر الألبسة محلياً أدى لتطفيش الزبائن من جهة، وعدم إمكانيتنا المنافسة لا عالمياً ولا حتى مع دول الجوار، ومرد هذا كلّه بسبب استيراد المواد الأولية والخيوط عبر المنصة، بالتالي فإن ارتفاع سعر الألبسة أمر لا يمكن الهروب منه أو حتى تفاديه، إلّا أن التجار يصبون الزيت على النار بإضافة آلاف ليست بالقليلة على سعر القطعة في المحال التجارية في حين يرضى تجار الأسواق الشعبية بهامش ربح مقبول لذا يجب العمل على إيجاد حلول جذرية لهذا القطاع بعيداً عن الرقابة التموينية على المحال والتي لا تعتبر كافية وسط المخالفات الحاصلة يومياً”بالجملة”، فكسوة الطفل الواحد في العيد تفوق المليوني ليرة فكيف الحال لأسرة مكونة من عدد من الأبناء، لذا نجد توّجه الكثير من الأمهات خلال السنوات الأخيرة إلى تبنّي مشروع إعادة تدوير الأقمشة وحياكتها في المنزل لتخفيف عبء شرائها من المحال كنوع من التدبير المنزلي والاقتصار على الحد الأدنى والأساسي من مستلزمات الأسرة!