اضطرابات سلاسل التوريد تُفاقم الخسائر الاقتصادية الناجمة عن تغيّر المناخ
البعث- وكالات
سيؤدي تأثير تغيّر المناخ في سلاسل التوريد الدولية إلى ركود الاقتصادات على مدى العقود الأربعة المقبلة، وذلك وفقاً لدراسة جديدة نشرت في 13 آذار الجاري بمجلة ناتشر. ويعتقد معدو الدراسة أن الاقتصادات التي تعتمد بشكل كبير على التصنيع، مثل الصين والولايات المتحدة، هي الأكثر تضرراً من اضطراب سلسلة التوريد الناجم عن التأثيرات المناخية التي تحدث على بعد آلاف الأميال.
ووفقاً للدراسة، ستؤدي هذه الاضطرابات غير المحدّدة سابقاً في سلاسل التوريد إلى زيادة تفاقم الخسائر الاقتصادية المتوقعة بسبب تغيّر المناخ، مما يؤدي إلى خسارة اقتصادية صافية متوقعة تتراوح بين 3.75 تريليونات دولار و24.7 تريليون دولار في الفترة الممتدة بين 2020 و2060، اعتماداً على كمية ثاني أكسيد الكربون المنبعثة.
وتُعدّ الدراسة الجديدة هي الأولى التي ترسم صورة واضحة للخسائر الاقتصادية غير المباشرة الناجمة عن تغيّر المناخ على سلاسل التوريد العالمية في المناطق التي ستكون أقل تأثراً بدرجات الحرارة المرتفعة المتوقعة. وتُظهر الدراسة أن الخسائر في الناتج المحلي الإجمالي العالمي نتيجة لهذه التكاليف غير المباشرة ستتزايد بشكل كبير خلال العقود المقبلة.
وقال الباحث المشارك في الدراسة “داوبينغ وانغ” المحاضر في المخاطر البيئية بقسم الجغرافيا في جامعة كينغز كوليدج لندن: إن الطريقة التي تظهر بها التكاليف المرتبطة بالإجهاد الحراري توضح مدى انتشار التأثيرات الواسعة والمتنوعة الناجمة عن الإجهاد الحراري من خلال سلاسل التوريد العالمية، مما يؤدي إلى خسائر اقتصادية لدولة أو قطاع قد لا تكون واضحة على الفور.
وأوضح وانغ في حديث مع “الجزيرة نت” أن الدراسة اهتمّت بتتبع التأثيرات المناخية المباشرة مثل التكاليف الصحية للأشخاص الذين يعانون من التعرّض للإجهاد الحراري، بما في ذلك الوفيات الناجمة عن موجات الحر، والتوقف عن العمل عندما يكون الجو شديد الحرارة، فضلاً عن الاضطرابات الاقتصادية غير المباشرة المتتالية عبر سلاسل التوريد.
ووفقاً للدراسة، فإنه مع تزايد ترابط الاقتصاد العالمي، فإن الاضطرابات في جزء من العالم ستكون لها تأثيرات غير متوقعة في أماكن أخرى من العالم، وأحياناً بطرق غير متوقعة، كما سيؤثر فشل المحاصيل وتباطؤ العمالة وغير ذلك من الاضطرابات الاقتصادية في منطقة ما على إمدادات المواد الخام التي تتدفق إلى أجزاء أخرى من العالم تعتمد عليها، مما يؤدي إلى تعطيل التصنيع والتجارة في المناطق البعيدة.
وقارن الباحثون الخسائر الاقتصادية المتوقعة عبر ثلاثة سيناريوهات متوقعة للاحتباس الحراري، تسمّى المسارات الاجتماعية والاقتصادية المشتركة، بناءً على مستويات الانبعاثات العالمية المتوقعة المنخفضة والمتوسطة والعالية.
وفي حالة السيناريو الأفضل الذي تطرحه الدراسة، سيشهد العالم ارتفاع درجات الحرارة العالمية بمقدار 1.5 درجة مئوية فقط مقارنة بمستويات ما قبل الصناعة بحلول عام 2060، في حين سيشهد المسار الأوسط -الذي يعتقد معظم الخبراء أن الأرض عليه الآن- ارتفاع درجات الحرارة العالمية بنحو 3 درجات مئوية، وسيشهد السيناريو الأسوأ ارتفاع درجات الحرارة العالمية بمقدار 7 درجات.
ووفقاً للباحث فإنه مع ارتفاع درجة حرارة الأرض سيصبح الوضع الاقتصادي أسوأ، مع تفاقم الأضرار والخسائر الاقتصادية بشكل كبير كلما زادت سخونة الكوكب. يقول وانغ: “في بعض الأحيان تحدث التأثيرات السلبية للحرارة الشديدة على سلاسل التوريد العالمية بهدوء، حتى إنها تفلت من ملاحظتنا تماماً. ويتتبع نموذجنا المطوّر لبصمة الكوارث هذه التأثيرات ويمثلها بصرياً، مما يؤكد ضرورة بذل جهود تعاونية عالمية للتكيف مع الحرارة الشديدة”.
وأشار إلى أن اقتصادات البلدان النامية الصغيرة والمتوسطة الحجم في جنوب وسط أفريقيا ستعاني بشكل غير متناسب من زيادة الوفيات الناجمة عن موجات الحر، وستكون خسائر إنتاجية العمل محسوسة بشكل أكثر حدة في غرب أفريقيا وجنوب شرق آسيا، وستكون بلدان مثل بروناي أكثر عرضة للخسائر غير المباشرة.