التفاخر الأمريكي الفاشل بالديمقراطية
تقرير إخباري
ترأس وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن وفداً أمريكياً لحضور القمة الثالثة للديمقراطية في سيول في 18 آذار. ووفقاً لوزارة الخارجية الأمريكية، فإن القمة ضرورية لأنها “جمعت مئات القادة من الحكومات والمجتمع المدني ومنظمات المجتمع المدني، والقطاعات التي تلتزم بتعزيز الحكم الديمقراطي، وحماية حقوق الإنسان، والمضي قدماً في مكافحة الفساد”.
قد يأخذ المنتقدون مصلحة الولايات المتحدة في “تعزيز الحكم الديمقراطي، وحماية حقوق الإنسان، وتعزيز الحرب ضد الفساد” على محمل الجدّ إذا وضعت الولايات المتحدة المعيار العالمي في كل من هذه المجالات. ففي حين أن بعض البلدان في وضع أسوأ من الولايات المتحدة، فإن التفاخر الأمريكي المزمن بكونها بطلة العالم في المفاهيم الثلاثة المذكورة آنفاً يفشل عندما يتم تقييم النتائج التي توصلت إليها المنظمات الدولية ذات الصدقية.
بكل بساطة، فيما يتصل “بتعزيز الحكم الديمقراطي”، لا تشكّل الولايات المتحدة المثال الذي ينبغي للدول الأخرى أن تتطلع إليه. ويمكن رؤية ذلك من خلال البيانات الواردة في مصفوفة الديمقراطية الصادرة عن جامعة فورتسبورج، التي تضع أمريكا في المرتبة 36 من أصل 176 دولة. وتخلص هذه المصفوفة إلى أن الولايات المتحدة عبارة عن “ديمقراطية منقوصة”، وهي حبة دواء مريرة، ولكنها ضرورية، يتعيّن على الأمريكيين المتذمّرين في كثير من الأحيان أن يبتلعوها.
ومن ناحية أخرى، دأبت وحدة الاستخبارات الاقتصادية في مجلة “إيكونوميست” لسنوات عديدة متتالية على تعريف الولايات المتحدة بأنها “ديمقراطية معيبة”. وفي هذا المناخ السياسي الممزّق الذي تجد الولايات المتحدة نفسها فيه، يلمّح المرشحون الرئاسيون إلى “حمام دم” إذا انتهت انتخابات تشرين الثاني بطريقة معينة. ويتصدّر هذا عناوين الأخبار المحلية والدولية لأن مثل هذه التعليقات تتعارض تماماً مع الممارسات الديمقراطية. من خلال التعمّق في الديمقراطية الأمريكية، فإن المخاوف بشأن حرمان المواطنين من حق التصويت واستياء الأمريكيين عموماً من العملية الديمقراطية تؤكد أن ركائز الديمقراطية تضعف. وما لم يُذكر هو ما إذا كانت التجربة الأمريكية في الديمقراطية قد ذبلت إلى الحدّ الذي قد يؤدّي إلى “حمام دم” في غضون بضعة أشهر فقط.
إن تاريخ أمريكا الطويل من الكراهية تجاه “الآخرين” بسبب لون بشرتهم، أو معتقداتهم الدينية، أو خلفيتهم العرقية، أصبح مرة أخرى حديثاً يومياً، وهذا الواقع لا ينسجم مع ادّعاء أمريكا بأنها منارة لحقوق الإنسان.
وأخيراً، عندما يتعلق الأمر “بتعزيز الحرب ضد الفساد”، فإن أمريكا أمامها الكثير من العمل الذي يتعيّن عليها القيام به. وتضع أحدث البيانات الصادرة عن منظمة الشفافية الدولية الولايات المتحدة في المرتبة 24 من بين 180 دولة في مؤشر مدركات الفساد، ويشكّل الافتقار إلى استقلال القضاء عاملاً رئيسياً يساهم في هذا التصنيف، كما أشار المعهد الدولي للديمقراطية والمساعدة الانتخابية إلى أن الولايات المتحدة لا تزال تتخلف عن العديد من شركائها الديمقراطيين العالميين في مجال استقلال القضاء. في الوقت الحاضر، ترتبط الشخصيات السياسية المنتخبة في الولايات المتحدة الواحدة تلو الأخرى بإساءة استخدام مناصبها لتحقيق مكاسب شخصية، ما يعزز الاعتقاد بأن الأثرياء أو ذوي العلاقات الجيدة يتبعون مجموعة مختلفة من القواعد مقارنة بالمواطن العادي.
عناية ناصر