انتصار بوتين حقيقة جيوسياسية
تقرير إخباري
سلّطت الانتخابات الرئاسية الروسية الضوء على خطوط الصدع في السياسة الدولية، ورسّخت حقيقة أن الشخصية السياسية للرئيس الروسي فلاديمير بوتين تحتل اليوم الساحة العالمية، بينما تظهر الجهود التي يبذلها الغرب الجماعي لتشويه صورته مدى الهوس المرضيّ الذي أصابه.
وبالنظر إلى الماضي، يجد المرء أن الأجندة الغربية كانت تركّز في الأساس على بوتين، الذي يظل دوره التاريخي في إعادة إحياء روسيا “ما بعد الاتحاد السوفييتي” وإعادتها إلى مركز الشؤون العالمية باعتبارها قوة عالمية، يشكّل نقطة تحوّل لا تغتفر في التاريخ الحالي.
وإذا كان توسّع حلف شمال الأطلسي يهدف إلى إدامة الهيمنة الأميركية، وكان هدف إلغاء الدولار هو دفن النظام المالي الغربي الذي تقوم عليه هذه الهيمنة، فإن بوتين يلعب دوراً مركزياً في هذه العملية التاريخية. وإذا بقي بوتين في السلطة حتى عام 2030 وحقق حتى نصف البرنامج الاجتماعي والاقتصادي الطموح لروسيا الذي قدّمه في خطابه التاريخي أمام الجمعية البرلمانية الفيدرالية، فإن التوازن الاستراتيجي سوف يتغيّر وسوف يصبح النظام العالمي المتعدّد الأقطاب هو الحل الأمثل.
لقد كانت نتيجة الانتخابات أمراً مفروغاً منه، وهذا ما دفع الغرب إلى تحريك العمليات السرية والأعمال الإرهابية التي تهدف إلى خلق ظروف معطلة في روسيا وتشويه العملية الانتخابية أو تقويضها، والتفجير الإرهابي الأخير الذي ضرب مركزاً تجارياً في موسكو أكبر دليل على ذلك. وبمجرد الإعلان عن فوز بويتن الساحق في موسكو، حاول الغرب الجماعي تشويه النتيجة من خلال وصفها بأنها “مزوّرة”، و”مصطنعة”، و”انتخابات رئاسية مقطوعة”. إن حقيقة أن بوتين زعيم يتمتع بشعبية كبيرة، ويحظى بدعم واحترام واسع النطاق من الشعب الروسي، يتم تجاهلها بالكامل. ومن المثير للاهتمام أن مركز يوري ليفادا التحليلي، وهو فرع من مركز ليفادا في موسكو، يتلقى تمويلاً من الحكومة الأمريكية من خلال الصندوق الوطني للديمقراطية، الذي يدّعي أنه “وكالة استطلاع مستقلة معروفة بتحقيقاتها في القضايا الاجتماعية والسياسية في روسيا”.
“روسيا والعالم”، قدّرت في شباط 2024 أن نسبة تأييد بوتين بلغت 86%، وبالتالي، من الواضح أن نسبة التأييد التي حصل عليها بوتين وهي 87.3% في الانتخابات تتطابق بشكل أو بآخر مع نسبة تأييد مركز ليفادا البالغة 86% لبوتين في عام 2024. والأمر البارز هنا هو أن الانتخابات الحالية عكست المشاعر العامة الروسية، وهو الأمر الذي أكدته حتى استطلاعات الرأي التي موّلتها الحكومة الأميركية. لقد وصل مسرح العبث إلى نقطة جعلت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك تقرّر على ما يبدو التوقف عن وصف بوتين بالرئيس الشرعي لروسيا، لكن هذه الحملة الغبية محكوم عليها بعمر قصير.
هيفاء علي