هذه المرة.. العنف يدخل منازلنا من الشاشات
درعا- دعاء الرفاعي
طغت مشاهد العنف والدماء والجريمة على مشاهد غالبية المسلسلات السورية التي تُعرض حالياً على مختلف المحطات التّلفزيونية، واللافت في الأمر أن هذه المشاهد كانت القاسم المشترك بين الحلقات الأولى لعدد من مسلسلات الموسم الدرامي الحالي.
مسلسل “كسر عضم 2” أو “السراديب” وبحسب آراء العديد من المواطنين الذين حرصوا على متابعته، لم يلقَ أصداء إيجابيةً على خلاف الجزء الأول، وذلك نظراً لكمية العنف الكبيرة، والإساءة المقصودة وتوجيهها إلى جمهور اكتفى من مشاهد الدماء التي امتزجت بيوميات السوريين خلال سنوات الحرب الطويلة، في وقت كان يتمنى المشاهد على كتّاب المسلسلات وفريق الإنتاج تقديم قصص وحالات من الواقع تحاكي الظلم والفقر، أو تتحدث عن بطولات لرموز معينة أو غيرها، ليكون باستطاعتهم الهرب من مشاهد العنف اليومي بكل أشكاله إلى متنفس فني تتجدّد فيه ومعه الحياة، لكنهم اصطدموا بكمية العنف والدماء بأسوأ المشاهد، فمشهد قتل الطفل بحضن والده بطلقة مسدس الذي نفذه الممثل كرم الشعراني ورشيد عساف في الحلقة الثانية عشرة من المسلسل وعرض صورة الدم بهذا الشكل للأب والطفل أثناء احتضانه، حيث امتزج دم الأب مع الطفل بمشهد عنيف وصادم ومؤثر، مرفوض تماماً، وبحسب اعتراف الجمهور فهو مشهد قاس وعنيف وغير إنساني وهذا كله تمثيل، فماذا لو كان حقيقة ويحدث كما يريد أن يروّج له صنّاع هذا المسلسل.
الممثلون والمنتجون في “كسر عضم” على دراية كاملة بما تحتاجه الذائقة الفنية للسوريين كلهم، بعيداً عن محاولتهم تأجيج الصراع بين أطياف الشعب السوري، وتوسيع الشرخ بينهم من خلال اللعب على إنتاج هكذا مسلسلات لا تغني ولا تسمن من جوع، ناهيك عن تصرفات غير لائقة ظهرت في بعض تلك المسلسلات وتشكل خطراً على شريحة المراهقين والشبان في مجتمعاتنا العربية و”الشرقية” بشكل خاص، أو حتى في المجتمعات الأكثر انغلاقاً، فليس الجميع يتقبل هذه الأفكار ويتبناها، ولاسيما أنها تعطي الانطباع لهذه الفئة بالانجرار وراء التصرفات البعيدة كل البعد عن عاداتنا وتقاليدنا، بل وبعيدة كل البعد عن قيمنا ومبادئنا، وتصل في بعض منها إلى تحليل نشر الرذيلة وتعاطي المخدرات وارتكاب جرائم القتل واستسهالها للحصول على المال، وغيرها من الممارسات الأخرى مثل تطاول الأبناء على الآباء، ما انعكس على أبنائنا الذين يفتقدون القدوة الحقيقية، وهو مايتمّ ترسيخه عبر تلك المشاهد.
لابدّ من توجيه صرخة مدوية للمسؤولين بالوقوف ملياً على أي موافقة لعرض مسلسلات لا تليق بمجتمعنا السوري وتكون تحت عيون الرقابة، ولا تمرّ من دونها كما حدث مع “كسر عضم”، ولاشكّ في أن ما يحدث في الشارع السوري وما يشهده كل يوم من عنف وعدوان وتحرش وقتل، يؤكد أن هناك علاقة قوية بين مشاهد العنف في المسلسلات التي تعرضها القنوات الفضائية وبين الميول العدوانية لدى الشباب.