الليبراليات الغربية الكاذبة
تقرير إخباري
تتوضح يوماً بعد يوم تناقضات السياسات الغربية على الصعيد الدولي في مجمل مناطق العالم، إذ تصرّ تلك الدول على المناداة بالليبرالية و”الرقابة” على موضوع “حقوق الإنسان” في كل بقاع الأرض، ولكن على سبيل المثال فإن الولايات المتحدة الأمريكية وعلى نقيض ذلك تعمل على إنتاج قرار فارغ المحتوى من قبل مجلس الأمن الدولي، يظهرها كطرفٍ “قلق” على السلم العالمي، وبنفس الوقت ينتج أكبر كمٍ ممكن من قتل المدنيين في غزة، تحقيقاً لمصالح ذراعها الإسرائيلي.
ورغم رؤية جميع دول العالم ضراوة الحصار الإسرائيلي للمشافي في غزة التي بالكاد تعمل، ورغم “الفيتو” الروسي الصيني الذي وضع النقاط على الحروف بكل جرأة وأحبط مشروع القرار الأمريكي الأبتر، فإننا نجد إصرار إدارة واشنطن على الضغط والعرقلة في مجلس الأمن من خلال إفشال مطالبة روسيا بأن يكون قرار وقف إطلاق النار خلال شهر رمضان في غزة “دائماً”، كما يؤكد ما تلا ذلك من امتناع الإدارة الأمريكية عن التصويت على هذا القرار، التأييد وبعنف لاستمرار إبادات “إسرائيل” للمدنيين كوسيلة لتحقيق الأهداف، ومنحهم الغطاء للاستمرار في مجازرهم.
وبعيداً عن الشرق الأوسط، ولكن برابط عميق معه ومع انتهاج سياسة الإبادة من قبل الغرب، تثور التساؤلات القوية حول الجهة المنفذة للعمل الإرهابي في المول التجاري قرب موسكو الذي لم يستهدف سوى المدنيين، ولم يحقق أهدافاً عسكرية معلنة لأي جهة كانت، وحتى لو كانت الجهة المنفذة “داعش” التي تفرعت من المنطقة إلى أوروبا الشرقية وآسيا الوسطى وإفريقيا، وكل مكان يتم طلب إرهابها للحضور فيه، فإنها صنيعة وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية وذراعاً لها وباعتراف ساسة الغرب ذاتهم، وبدليل أنها لا توجه إرهابها ضد المصالح الغربية الممتدة في أنحاء العالم، وحتى لو وجدت في أخطر بقع العالم فلتاناً، فحالة إدارة الصراع هي السائدة، بل إن منفذي الهجوم الإرهابي- وإن كانوا من إرهابيي التنظيم- فهم يحتمون الآن في الداخل الأوكراني التابع للهيمنة الغربية، وهذا يعني أيضاً وحدة الرؤى والأهداف وحتى لو اختلفت التسميات، فنظام كييف ومن ورائه ساسة الغرب الجماعي انتهجوا سياسة الحرب عن طريق الإرهاب وضرب المدنيين بعد فشل “الهجوم المضاد”، وما تلاه من إستراتيجية “الهجوم بالدفاع”، وما رافقهما أيضاً من مدّ نظام كييف بصواريخ ومسيّرات بعيدة المدى قادرة على أن تطول أهدافاً في العمق الروسي، أو تفجير جسر القرم، لكنها جميعها أهدافاً مدنية، تؤكد أن الغاية كما أسلفنا قتل المدنيين بأي وسيلة كانت لطالما كان إضعاف روسيا عن طريق الميدان- وحتى لو تم عبر تدخل عسكري غربي مباشر- أمراً مستحيل المنال، ولو أُفرغت ترسانات الغرب من آخر طلقة وقطعة فيها، فالجيش الروسي أثبت عقيدة جنوده وقدرته على التخطيط وتطوير التقنيات وغزارة الإنتاج والتعويض، والأهم من ذلك فإنه يرفض قولاً وفعلاً الانجرار نحو ساحة استهداف المدنيين مهما بلغ حجم الاستفزازات.
بشار محي الدين المحمد