في شهر الصيام.. برامج الطبخ تعزز ثقافة الإسراف والتبذير.. وموائد الفيسبوك تستفز الفقراء
دمشق- البعث
تستحوذ برامج تحضير الأطعمة المختلفة على مساحات واسعة من بثّ الفضائيات أو وسائل التواصل الاجتماعي، وبشكل يعزز ثقافة التبذير والإسراف في المجتمع وتحديداً في شهر رمضان، ففي الوقت الذي لا يجد فيه المواطن ما يسدّ به جوعه، كما يُقال، تتفنن هذه البرامج بأنواع الأطعمة المليئة باللحوم وغيرها من المواد الغذائية التي باتت خارج قائمة الطعام اليومية للغالبية العظمى، وهذا يندرج ضمن التقاليد السلبية التي لا تتناسب مع شهر التعاطف والتراحم، وأبرزها ما يُسمّى حمّى التبذير والإسراف واستعراض أشهى الموائد على الفيسبوك دون أي رادع.
وقد يغيب في شهر رمضان عن ذهن الكثيرين أن الهدف من هذا الشهر هو الإحساس بالآخرين، وخاصة الفقراء الذين يمثلون الأغلبية ليصيبهم وباء التفاخر والتلذذ بما تحمله موائدهم من أطباق تصبح الشغل الشاغل للجميع وخاصة فئة النساء، إذ وجدت الباحثة الاجتماعية هبا محمد أنه ومع انتشار وسائل التواصل الاجتماعي بات الهمّ الشاغل للنساء خلال شهر رمضان التساؤل عن أطباق رمضان وإنشاء مجموعات خاصة للنقاش حول ما سيقومون بتحضيره في كلّ يوم والتفنن بنشر الصور والتفاخر بأشهى المأكولات التي يذهب نصفها للحاويات بعد التقاط الصور لها من كافة الجوانب، إذ لا تكتفي تلك النسوة بتحضير أنواع كثيرة، بل ويسرفن في كمية الوجبات المحضرّة، الأمر الذي يعتبر تبذيراً يرفضه الدين والشرع، ولا شك أن الأسرة قادرة من خلال وضع ميزانية محدّدة تلبي طلباتها ضمن المعقول في شهر رمضان بعيداً عن مظاهر الإسراف، وهذا يتطلب الرقابة والتوجيه بدءاً من سلطة الأب في المنزل وانتهاءً بدور الإعلام في توجيه الأسر لثقافة الاستهلاك المعتدلة.
ويُجمع العديد من المواطنين الذي التقيناهم على أن ما يبثّ على الفضائيات أو حالة الاستعراض لموائد رمضانية عامرة بالإسراف، يمثل حالة استفزازية للناس الفقراء ويبتعد بكل ما تعنيه الكلمة عن أدبيات وأخلاقيات الشهر الفضيل الذي يعدّ شهر الخير والرحمة، وأكدوا أن الظروف الحالية تستوجب نوعاً من التعاضد والتكاتف المجتمعي لاستبعاد كل ما يثير التفرقة والتميّز الطبقي في المجتمع الذي من المفترض أن يكون كالجسد الواحد.