أخبارصحيفة البعث

“تشريح الإبادة الجماعية”

سمر سامي السمارة

نشر مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة يوم أمس الاثنين، مسوّدة لتقرير أكد فيه وجود “أسباب منطقية للقول إن “إسرائيل” ارتكبت العديد من أعمال الإبادة الجماعية وصولاً إلى التطهير العرقي”.

وخلصت نسخة التقرير التي تحمل عنوان “تشريح الإبادة الجماعية”، إلى أن حكومة العدو اليمينية المتطرّفة وجيشها، شوّهوا عمداً مبادئ قانون الحرب، لإضفاء الشرعية على عنف الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني، كما أن الطبيعة والحجم الساحقين للهجوم “الإسرائيلي” على غزة والظروف المعيشية المدمّرة التي فرضتها، تكشف نيّة لتدمير الفلسطينيين جسدياً كمجموعة.

واتهم التقرير “إسرائيل” بأنها تعاملت مع “مجموعة بأكملها” والبنية التحتية التي تستخدمها بوصفها “إرهابية” أو داعمة للإرهاب، محوّلة بذلك الجميع إلى هدف أو إلى أضرار جانبية، وبالتالي يمكن قتلها أو تدميرها، وبهذه الطريقة، لا يمكن لأي فلسطيني في غزة أن يكون آمناً بحكم التعريف. وكان لذلك آثار مدمّرة ومتعمّدة، كلفت حياة عشرات الآلاف من الفلسطينيين، ودمّرت نسيج الحياة في غزة، وتسبّبت في أضرار لا يمكن إصلاحها.

وأكّدت مسودة التقرير أن “الإبادة الجماعية التي ترتكبها “إسرائيل” بحق الفلسطينيين في غزة هي مرحلة إضافية ضمن عملية محو استعمارية استيطانية طويلة الأمد، فعلى مدار أكثر من سبعة عقود، خنقت هذه العملية الشعب الفلسطيني كمجموعة -ديموغرافياً وثقافياً واقتصادياً وسياسياً- بهدف تهجيره ومصادرة أراضيه وموارده والسيطرة عليها”.

وبالإشارة إلى القرار القسري والتطهير العرقي لأكثر من 750 ألف فلسطيني أثناء تأسيس “إسرائيل” في عام 1948، يؤكد التقرير “وجوب إيقاف النكبة المستمرة ومعالجتها مرة واحدة وإلى الأبد”.

وحثّت مسوّدة التقرير، الدول الأعضاء في الأمم المتحدة على إنفاذ حظر الإبادة الجماعية وفقاً لالتزاماتها بموجب القانون الدولي.

وفي كانون الثاني، خلصت محكمة العدل الدولية التابعة للأمم المتحدة، إلى أن “إسرائيل” ترتكب إبادة جماعية في غزة وطالبتها “باتخاذ جميع التدابير اللازمة لمنع أعمال الإبادة الجماعية”، مضيفة: يجب محاسبة “إسرائيل” والدول التي كانت متواطئة معها بشأن ارتكاب إبادة جماعية، وتقديم تعويضات تتناسب مع الدمار والموت والأذى الذي لحق بالشعب الفلسطيني.

بالإضافة إلى التنفيذ الفوري لحظر الأسلحة المفروض على “إسرائيل، بسبب فشلها في الامتثال للتدابير الملزمة التي طالبت بها محكمة العدل الدولية، وضمان اعتراف “إسرائيل”، وكذلك الدول التي كانت متواطئة معها في الإبادة الجماعية في غزة، بالضرر الجسيم الذي حدث، والالتزام بعدم تكرار ذلك، مع اتخاذ تدابير للوقاية والتعويضات الكاملة، بما في ذلك التكلفة الكاملة لإعادة إعمار غزة، ونشر قوات حماية دولية للحدّ من العنف المستخدم بشكل روتيني ضد الفلسطينيين في الأراضي المحتلة، وضمان حصول وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (الأونروا) على التمويل المناسب لتمكينها من تلبية الاحتياجات المتزايدة للفلسطينيين في غزة.

لكن “إسرائيل” أبلغت الأمم المتحدة أنها لن تسمح بعد الآن بمرور قوافل الأونروا التي تحمل مساعداتٍ غذائية إلى شمال غزة، حتى في الوقت الذي يتضوّر فيه الفلسطينيون جوعاً حتى الموت، وهي خطوة ترقى تسميتها إلى عقوبة الإعدام.