لا حماية من الإبادة في الإطار الاستعماري للقانون الدولي!
تقرير إخباري
جميع السكان الفلسطينيين في غزة “يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد” بموجب التصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي. وقد أوضح التصنيف الدولي للبراءات أن “عتبة المجاعة لانعدام الأمن الغذائي الحاد الأسري قد تم تجاوزها بالفعل بشكل كبير”.
وفي وقت متأخر للغاية، أعلن منسق السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل أن” إسرائيل” تثير المجاعة في غزة، وأنها تستخدمها سلاح حرب. ما حدث هو أن بوريل تحدّث الآن، لكن الفلسطينيين تحدّثوا علناً قبل فترة طويلة من وقوع هذه الكارثة، ولم يستمع إليهم أي دبلوماسي من الاتحاد الأوروبي بشكل متعمّد.
علاوة على ذلك، يبدو أن الإحصائيات قد أثرت في وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن بما يكفي للإدلاء ببيان يعترف فيه بأن المجاعة أثرت في جميع الفلسطينيين في غزة، حيث قال خلال مؤتمر صحفي في مانيلا: إن هذا يؤكد الحاجة الملحّة والضرورية لجعل هذه “المساعدات الإنسانية” الأولوية. وأضاف: “نحن بحاجة إلى المزيد، ونحتاج إلى استدامتها، ونحتاج إلى أن تكون أولوية إذا أردنا تلبية احتياجات الناس بشكل فعّال”. لكن بلينكن لم ينطق بكلمة واحدة حول إيقاف الولايات المتحدة صادراتها من الأسلحة إلى “إسرائيل”، أو حول وقف الإبادة الجماعية التي ترتكبها في غزة.
وكان ردّ “إسرائيل” بطبيعة الحال هو استخدام المجاعة سلاحاً على نحو أكبر. وطلب الكيان الاستعماري الاستيطاني من محكمة العدل الدولية الامتناع عن إصدار أمرها المؤقت بناء على طلب جنوب إفريقيا، واصفة إيّاها بـ”إساءة استخدام الإجراءات”. وأعلن المحامون الإسرائيليون أن القضية القانونية التي تقدمت بها جنوب إفريقيا في 6 آذار “لا أساس لها على الإطلاق من حيث الواقع والقانون، وهي بغيضة من الناحية الأخلاقية، وتمثل إساءة استخدام لاتفاقية الإبادة الجماعية والمحكمة نفسها”، وهنا باختصار منطق “إسرائيل” الملتوي. إن أدنى التدابير لمنع الإبادة الجماعية تعدّ بغيضة أخلاقياً.
إن نية “إسرائيل” هي أن تستخدم المجاعة سلاحاً للإبادة الجماعية، فهي تمنع وتعرقل دخول المساعدات الإنسانية، ويقوم مستوطنوها غير الشرعيين بإغلاق المعبر الحدودي لمنع مرور شاحنات المساعدات، ولا تفعل شيئاً لوقف ذلك. وتم استخدام الكمية الضئيلة المسموح بها كمصيدة موت، حيث قام الجنود “الإسرائيليون” بارتكاب مجازر بحق الفلسطينيين لمجرد محاولتهم أخذ بعض الطعام إلى منازلهم.
وفي نفاقها المعهود، أبلغت “إسرائيل” محكمة العدل الدولية أن لديها “قلقاً حقيقياً على الوضع الإنساني وأرواح الأبرياء، كما يتضح من الإجراءات التي اتخذتها وتتخذها”، في إشارة إلى غزة. لقد وصل سعي “إسرائيل” لجعل جميع تصرّفاتها طبيعية إلى هذا المستوى من الازدراء للقوانين والاتفاقيات الدولية، ما يسمح لها بإضاعة وقت المحكمة من خلال الكذب الصارخ. ولا يقل تهاون المجتمع الدولي فظاعة، وكأن قوته الوحيدة تكمن في انتظار التحديثات الإحصائية لإدراجها في خطاباته.
إن الإبادة الجماعية في غزة تكشف كل ما هو خطأ في المفهوم الاستعماري لحقوق الإنسان والقانون الدولي، وكلاهما لا يوجد إلا كأساس لحماية المنتهكين والمتورّطين. ومن الواضح أنه لا توجد حماية من الإبادة الجماعية لضحاياها في الإطار الاستعماري للقانون الدولي.
عناية ناصر