عار أن تكون المجاعة سلاحاً..
تقرير إخباري
ما أشبه اليوم بالأمس عندما عانى الأيرلنديون من الاحتلال البريطاني، واليوم ما يجري في فلسطين المحتلة، والعدوان الإسرائيلي الوحشي على قطاع غزة، الذي دخل شهره السادس، والمجازر الوحشية التي يرتكبها جنود الاحتلال يومياً بحق الشعب الفلسطيني.
بالأمس، استفاد المحتلون البريطانيون من تصدير المحاصيل الغذائية التي كانت إيرلندا في أمسّ الحاجة إليها إلى خارج البلاد، وعلى مدى سبع سنوات ابتداء من عام 1845، مات مليون إيرلندي بسبب المجاعة والأمراض المرتبطة بها. لقد كانت مجزرة متعمّدة حيث تم استخدام واحدة من أفظع وسائل الإعدام التي يمكن لأي شخص أن يقرأها أو يتخيّلها. والنتيجة انحدار مؤلم إلى اليأس، والهذيان، والجمود الجسدي، حيث ينخفض تركيز الشخص وشخصيته تدريجياً إلى الجوع الشديد والألم.
واليوم، في قطاع غزة المحتل، يستفيد تجار الأسلحة من زيادة الإمدادات العسكرية لـ”إسرائيل”. فالفلسطينيون، مثل الأيرلنديين، يضطرّون إلى تناول خليط من العشب وقد أدّت الأشهر الخمسة الماضية من الحصار والقصف والتهجير الإسرائيلي إلى سقوط أكثر من 31 ألف شخص، معظمهم من النساء والأطفال، وسيؤدّي ظهور المجاعة إلى ارتفاع هذا الرقم بشكل كبير، وخاصة بين الأطفال. لقد ساعد الرصاص والقنابل والبنادق الأمريكية في منع وصول المساعدات التي يحتاج إليها ملايين الفلسطينيين بشدة، وقد دفنت القنابل أو دمّرت الكثير من الاحتياطيات الغذائية التي كان من الممكن أن تخفف جزئياً من هذا الرعب، وأجبرت الهجمات المتواصلة أعداداً كبيرة من السكان على الفرار، وتجمّعوا في رفح، الهدف التالي لقوات الاحتلال.
وبينما تواصل الولايات المتحدة توفير الموارد ودعم هذه الإبادة الجماعية، وقّع ثمانية من أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي رسالة إلى الرئيس جو بايدن، يصرّون فيها على أن شحنات الأسلحة المستمرة إلى “إسرائيل” تنتهك القوانين الأمريكية التي تحظر المساعدات العسكرية للأنظمة التي تعرقل المساعدات الإنسانية الحكومية، بالإضافة إلى ذلك، أرسلت 25 منظمة إنسانية وحقوقية رائدة رسالة إلى الرئيس تؤكد فيها رسالة أعضاء مجلس الشيوخ.
ورغم ذلك، تواصل الولايات المتحدة إرسال الأسلحة والقنابل إلى “إسرائيل”، ما يشكّل تهديداً أكبر بكثير، وكل يوم ترد تقارير جديدة عن سقوط فلسطينيين، 40% منهم أطفال، تحت وطأة المرض والموت بسبب حرمانهم من الغذاء والوقود والمياه النظيفة والدواء والمأوى، وتتفاقم الظروف الجهنمية مع انتشار التلوّث المعدي من الجثث المتحللة والملوّثات الكيميائية من أغلفة آلاف القنابل الإسرائيلية والغربية التي أسقطت على غزة. هنا يتساءل تقرير منظمة إنقاذ الطفولة الصادر في 12 آذار 2024 عمّا ستفعله خمسة أشهر من المذبحة والتهجير القسري والمجاعة والمرض، بالإضافة إلى ما يقرب من 17 عاماً من حصار الفصل العنصري، لأطفال غزة الذين سينجون من الوحشية التي تصيبهم اليوم.
الشيء الوحيد الذي ينبغي القيام به على المستوى الإنساني هو التخلي عن كل أشكال الدعم للعدوان الوحشي الذي تشنّه “إسرائيل” ضد سكان غزة.
هيفاء علي