في عيد الطالب العربي السوري.. تجسيد لتطلعات جيل عربي قومي
د. معن منيف سليمان
يحتفل طلبة سورية اليوم بالعيد الرابع والسبعين للطالب العربي السوري، ويصادف هذا اليوم الثلاثين من آذار من عام 1950، حيث شهد انعقاد المؤتمر الطلابي العربي السوري الأول بتخطيط من القائد المؤسس حافظ الأسد، وبدعوة منه وبرئاسته. فكان أوّل محطّة ديمقراطية وسياسية ونقابية في حياة الحركة الطلابية العربية السورية، جاءت ثمرة لنضال دؤوب وشكّلت انتصاراً وطنياً وتجسيداً لتطلعات جيل عربي قومي مفعم بالإيمان بأهداف الأمة.
وانطلاقاً من أهمية ذلك اليوم اتخذت الجماهير الطلابية السورية في المؤتمر العام العاشر الذي انعقد في أيار 1990 قراراً جماعياً باعتبار يوم الثلاثين من آذار عيداً للطالب العربي السوري تحتفل فيه جماهيرنا الطلابية في الجامعات والمعاهد كل عام باعتباره منطلق تأسيس المنظمة الطلابية، الاتحاد الوطني لطلبة سورية، إذ شهد ذلك المؤتمر الطلابي الأوّل اتخاذ قرارات فورية انعكست على مسار الحركة الطلابية كان من أهمّها الدعوة للنضال بصلابة ضدّ الاستعمار بأشكاله وألوانه وأساليبه وأدواته كافة، والدعوة إلى تحقيق الوحدة العربية من المحيط إلى الخليج وتطبيق ديمقراطية التعليم وإتاحة الفرصة كاملة أمام جميع أبناء الشعب والمطالبة بالتدريب العسكري في القطاع الطلابي، وتعريب الشركات الأجنبية الموجودة في سورية ومن ثمّ تأميمها وتحقيق العدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص لجميع المواطنين.
وبعد قيام ثورة الثامن من آذار عام 1963، أثمر نضال الطلبة فكانت ولادة الاتحاد الوطني لطلبة سورية في 23 نيسان 1963، باكورة أعمال الثورة وإنجازاتها. ومنذ ذلك الوقت توالت المؤتمرات الطلابية التي لم تكن مجرّد تظاهرات انفعالية، بل كانت منابر حيّة وفاعلة لجماهيرنا الطلابية عبّرت من خلالها المنظمة الطلابية بكل الحرية والمسؤولية عن آرائها وخياراتها الملتحمة مع خيارات الوطن والأمة.
وفي ظلّ المناخ الديمقراطي الشعبي الذي وفّرته الثورة، ولاسيما بعد الحركة التصحيحية المباركة، شهد العمل الديمقراطي الطلابي نقلة نوعية بارزة في الحياة الداخلية للمنظمة وفي تطوير العملية التربوية والتعليمية من جهة وفي دور الاتحاد الوطني لتعزيز الديمقراطية الشعبية في سورية من جهة أخرى.
وقد أدّى الاتحاد الوطني لطلبة سورية خلال مسيرته دوراً مهمّاً في تأمين مصالح الطلبة وتوفير الظروف المناسبة لتكون الحياة الطلابية فاعلة في مجمل الحياة الاجتماعية العامة، كما شهد العمل التنظيمي توسّعاً ملحوظاً على المستوى القاعدي وأداءً متميزاً على المستوى النوعي، وأثبتت فعالية الاتحاد التنظيمية على تنوّعها وغناها قدرتها على إعداد الأطر الطلابية المؤهلة لمهام العمل السياسي والنقابي في صفوف المنظمة. وقد عملت النشاطات الطلابية عبر تنمية روح العمل الجماعي على تعميق روح المسؤولية والالتزام والمبادرة، كما كان لاتحاد الطلبة حضوره المسؤول في مختلف الهيئات والمجالس والمؤسسات التي تعنى بالتعليم العالي والمتوسط فكان خير معبّر عن إرادة الطلبة وحقوقهم الديمقراطية والتعليمية. وحقّق التدريب العسكري الجامعي نجاحاتٍ كبيرة في تأهيل الطلبة وتدريبهم، وعملت المعسكرات العلمية الإنتاجية على استثمار الطاقات الطلابية وتحويلها إلى طاقات فاعلة ومنتجة تسهم في تطوير خطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
وتحقّقت في سورية ثورة علمية شاملة من أجل بناء الإنسان القادر على مواجهة الحياة وصعابها والمؤمن بانتمائه الوطني والقومي وبدوره الإنساني الخلاق. وفتحت الجامعات أبوابها لطلبة الجولان العربي السوري المحتل الذين يرسمون مسيرة الكفاح النضالي الوطني الذي يخوضه أهلنا في الجولان المحتل في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي ويؤكدون تمسّكهم بأرضهم وهويتهم العربية السورية.
لقد نال اتحاد الطلبة الدعم والرعاية من حزبنا العظيم حزب البعث العربي الاشتراكي كما نال الاهتمام الشخصي الأبوي من القائد المؤسس حافظ الأسد فكان الاتحاد في مقدّمة المنظمات التي أصابت تطوراً كبيراً وقطعت خطواتٍ متقدمة على طريق الفعالية والتكامل.. وعملت على تحقيق أهدافها واستقطاب جماهير الطلبة ورصّ صفوفهم وقيادة نضالهم وصيانة حقوقهم وتنظيم أنشطتهم والحفاظ على مصالحهم وشؤونهم وتفجير طاقاتهم ومواهبهم وتمكينهم من الاستزادة العلمية والمعرفية والمشاركة الفاعلة والمؤثّرة في كلّ المؤسّسات التعليمية والمجالس وفي رسم السياسة التعليمية والإشراف على تنفيذها والإسهام في تطويرها والنهوض بها.
لقد اكتسب الاتحاد الوطني لطلبة سورية خلال السنوات التي مرّت منذ تأسيسه ثراء الممارسة وغنى التجربة، وأصبحت له تقاليد راسخة في النضال وممارسة فاعله في رعاية شؤون الطلبة الدارسين داخل الوطن وخارجه، فضلاً عن حضوره الفاعل على المستوى العربي والدولي، فحمل القضايا الوطنية والقومية رسالة له في جميع المنتديات والمؤتمرات القومية والعالمية.
كذلك شارك في معارك التحرير والدفاع عن الوطن وميادين التنمية والبناء عبر التدريب العسكري الجامعي والإعداد النضالي ورفد القوات المسلّحة بالمقاتلين وإقامة المعسكرات الإنتاجية وربط الجامعات والمعاهد بالمجتمع والإعداد العلمي والثقافي للأطر الفنية تلبية لحاجات التنمية الشاملة.
إنّ طلبة سورية اليوم يشعرون بالفخر والاعتزاز وهم يتذكرون ذلك النضال الطلابي المشرّف الذي بدأه القائد المؤسس حافظ الأسد مؤسّس الحركة الطلابية في سورية وهم يلتفّون اليوم حول قيادة الرئيس بشار الأسد ليتابعوا الطريق نحو تحقيق أهداف أمتنا العربية، والسعي الدائم لتحقيق التطور العلمي ونيل أرفع الدرجات العلمية التي تساهم في دفع مسيرة التنمية التي يقودها.
وفي هذا الصدد يقول القائد المؤسس: “أنتم طلبتنا وعدّة حاضرنا ومستقبلنا، الحياة الطالبية ليست مرحلة عابرة في حياتنا، بل تطبع الإنسان وتشدّه إليها أبداً، غداً عندما تستذكرون حياتكم الطالبية ستذكرونها بشوق وحنين فأنا أشعر بالغبطة والسعادة والفخر عندما أتذكر ذلك الطالب حافظ الأسد”.
وفي السياق يقول السيد الرئيس بشار الأسد: “لا بدّ من الإصلاح والتطوير في مؤسساتنا التربوية والتعليمية والثقافية والإعلامية بما يخدم قضايانا الوطنية والقومية ويعزّز تراثنا الأصيل”.
إنّ طلبة سورية وهم يحتفلون بعيدهم السنوي يؤكّدون ولاءهم لقائد الوطن السيد الرئيس بشار الأسد الذي يمثّل القيم الأخلاقية الطلابية النبيلة ومعاني العمل والعطاء والمحبّة والإيثار والألفة والتواضع وحب العلم، ويفخرون بالعناية الكبيرة التي يوليها لمنظمتنا الطلابية ومؤسّسات التعليم العالي والجامعات والمعاهد العليا والمتوسطة لتطوير التعليم وتحديثه.