“من التحفيز إلى التنفيذ”.. في فلسفة الوقت وتنظيمه
سامر منصور
تروق لي كثيراً تلك الكتب التي تتناول سير العظماء من مفكرين ومناضلين وحتى نجوم في الموسيقا وسائر الفنون ممن تحدّوا الصِعاب أو الغزاة والظُلم بكل ما لدى هؤلاء الغُزاة من مؤسسات، واستطاعوا إيصال رسالتهم السامية.
كيف نَتَّقد؟ وكيف نكون رواداً ونكتسب مناعة في مواجهة الأفكار السامة والأشخاص السامين؟ و”إن الأمل بالعمل” فأيُّ عمل الذي يُحقق أعلى أمل؟..
كل هذا الأسئلة وأكثر، يُجيب عليها كتاب “من التحفيز إلى التنفيذ” لمؤلفه الباحث عبادة دعدوش.
إدارة الوقت
إن فكرة تنظيم الوقت فكرة مهمة، خاصة للعرب الذين تعرضت بلادهم إلى بعض مما تعرضت له سورية على سبيل المثال، ففن إدارة الوقت هو ترشيد للطاقة التي ما نزال نتمتع بها كسوريين على الرغم من كل شيء.. إنها الطاقة البشريَّة، وليست أيّ طاقة بشريَّة.. إنه شعبٌ ينتمي إلى كل المَفاعيل الحضارية الرائدة بمنجزاته.
ومما جاء في فصل “إدارة الوقت وترتيب الأولويات” من أبواب: مفاهيم خاطئة عن الوقت، أهمية تنظيم الوقت وإدارته في موروثنا، القواعد الخمس لتصنيف الوقت، فلسفة الوقت والذات، إدارة واستثمار الوقت، ضياع الوقت يعني ضياع الفُرص.
رحلة بانوراميَّة
من أسباب اختياري الحديث عن هذا الكتاب، هو أننا من النادر أن نجد كتاباً يأخذنا إلى رحلة في فضاء واسع من الأزمنة والأمكنة له أهداف توعوية وتثقيفيّة وتعليميَّة، أي أنه كتاب ثقافي بامتياز، ويتسم بتحريك عقل المُتلقي فهو يناقش المَفاهيم ويضبط المُصطلحات ويوضحها قبل الخوض في استخدامها، كما أنه يجمع بين الفكر التحفيزي المُعاصر وبين ما جاء في هذا المنحى في الموروث العربي والعالمي. وفي معرض اتكائه على الموروث اشتمل الكتاب على أبياتٍ من الشعر وحكايا من التُراث ومقولات وحِكم، مما جعله كتاباً شائقاً متنوعاً استخدم الفن والخيال ومنظومة القيم الموروثة إلى جانب قصص من الواقع لشخصيات رائدة استطاعت على الرغم من ظروفها السيئة وانتمائها إلى الطبقات الفقيرة المُعدمة التفوق في مجالات مُتعددة مثل النجم العالمي “بوشكين” و”موتسارت” وزيد بن الحارثة على سبيل المثال.
ومثال استثمار الآداب لإيصال الفكرة، ما جاء في باب الحديث عن أنواع الوقت، في الصفحة الـ 74، حيث استخدم دعدوش حواراً ورد في كتاب “عين الزهور” لمؤلفه المُفكر السوري بو علي ياسين للتعبير عن نوع من أنواع الوقت وهو “الوقت المُخَدِّر”:
ماذا تفعل يا أنطونيو؟
ـ إنني أكسرُ الحِجارة كما ترى.
ـ ولماذا تكسرُ الحِجارة؟
ـ لأحصل على النقود.
ـ وماذا تريد من النقود؟
ـ لأشتري معكرونة.
ـ ولماذا تشتري معكرونة؟
ـ لأقوِّيَ جسدي.
ـ ولماذا تقوي جسدك؟
ـ لأكسر الحجارة.