تنزيلات فعلية أم وهمية…!!
علي عبود
لم يثق السوريون يوماً بمواسم التنزيلات، بل لطالما سخروا من اللصاقات التي تُكتب عليها “تنزيلات 70%”، والسؤال سيبقى بلا جواب حاسم: هل التنزيلات أو الأوكازيونات فعلية أم وهمية؟
ما قبل عام 2011، كان الكثير من المواطنين يشترون في فترة التنزيلات ليس بفعل صدقية أصحابها بتخفيض أسعارها، وإنما لأن القدرة الشرائية لملايين السوريين كانت تتيح شراءها من جهة، ولتوقيت التنزيلات مع المناسبات والأعياد من جهة أخرى.
ما بعد عام 2011، وتحديداً في الأعوام الثلاثة الأخيرة، وبفعل الانخفاض المرعب بالقوة الشرائية، لم يعد ملايين السوريين يقوون على شراء الملابس، وتحديداً الخاصة بالأطفال حتى لو كانت التخفيضات بأسعارها حقيقية وبنسبة 70 أو 80%!!
تصوروا.. بعد التنزيلات يصل سعر القطعة الواحدة إلى ما لا يقلّ عن 150 ألف ليرة، أي نصف الحدّ الأدنى للأجور، وهذا يُفسّر الركود في الأسواق حتى في فترة الأوكازيونات، سواء أكانت حقيقية أم وهمية؟!
ويبقى السؤال مطروحاً: هل ما نشهده في الأسواق تنزيلات حقيقية لتصريف بضائع كاسدة، أم وهمية لخداع من يقوى على الشراء؟
لا شكّ أن التنزيلات ما قبل عام 2011 كانت حقيقية بالنسبة لكل الماركات المشهورة، وكان الكثير من المواطنين ينتظرون مواسم تخفيضها للاستفادة من شرائها بأقل من أسعارها، بنسب كانت تصل إلى 30%، أما بالنسبة للماركات الأجنبية، فلم تكن متاحة سوى للأثرياء على الرغم من أن نسبة تخفيض أسعارها كانت تصل إلى 80%!
والسؤال: هل أسعار السلع المشهورة كانت تُباع بنسب ربح عالية قبل التنزيلات، أم أن أصحابها مضطرون لتصريفها كاملة بأسعار التكلفة أو أقل لأن الموديلات ستتغيّر في العام التالي؟
من السذاجة الاعتقاد أن التاجر أو المستثمر في ماركات مشهورة سيبيع بخسارة، لكن إجمالي بيعه بربح مجزٍ في بداية كل فصل يتيح له تصريف ما تبقى من مخزون لديه بسعر أقل من التكلفة لأنه، في هكذا نوع من السلع، لا يمكن تخزينها وتجميد ثمنها لمواسم قادمة، على عكس المنتجين للألبسة التي لا تحمل اسماً ولا يهمّ أصحابها تجديد الموديلات، وبالتالي يُفضّلون تخزينها وتجميد رؤوس أموالهم على البيع بسعر التكلفة أو بخسارة!!
الوضع يختلف بالنسبة للتخفيضات التي يعلن عنها أصحاب المنتجات المحلية، لأنه يستحيل على أحد، باستثناء وزارة التجارة الداخلية، معرفة أسعارها ما قبل التنزيلات، وبالتالي قد تكون لصاقات تنزيلاتها فعلاً لتضليل المواطنين.
والأمر يختلف بالنسبة للمواد الغذائية، فهي لا تباع في فترت تنزيلات وأوكازيونات بحسومات مئوية، وإنما تباع على شكل عروض بأسعار مغرية قبل انتهاء صلاحية بشهرين أو ثلاثة أشهر، أو بأقل من تكلفتها إن كانت منتجاً جديداً يسعى صاحبه للترويج له لدى المستهلكين، وهذا الأسلوب بالتصريف غير موجود في سورية إلا في حالات قليلة جداً ولماركات مشهورة، بسبب طمع وجشع التجار وبعض المصنّعين!!
ما يحصل عندنا، أن منتجي أو مسوّقي السلع الغذائية يقومون بالتلاعب بفترة الصلاحية أو بطمسها عن المنتج كي لا يبيعونها بسعر التكلفة أو أقل، غير مكترثين بما قد يلحقونه من أضرار صحية بالمستهلكين، وخاصة الأطفال، وهذا ليس بمستغرب، فمن يقوم ببيع مواد فاسدة أو مزجها بالديدان والحشرات والصبغات الكيميائية وإخفاء رائحتها النتنة بالعطريات والمنكهات لن يتردّد في التلاعب بتاريخ صلاحية استهلاكها البشري.. إلخ.
الخلاصة: لا يكفي أن تنظم وزارة التجارة الداخلية عمليات التصفية والتخفيضات التي تتمّ في العمل التجاري، أو تحدّد مواعيد لها صيفية وشتوية، بل يجب أن تتأكد من كون التنزيلات فعلية لا وهمية!!