صحيفة البعثمحليات

غير مفهوم..!

معن الغادري 

يتساءل المواطن بحرقة وألم عن مصيره المجهول في ظلّ ما يواجهه من تحديات وضغوطات معيشية صعبة وقاسية، بعد أن ضاقت به كلّ السبل، واستنفد كلّ خياراته ومدخراته، إذ لم يعد يوفر له دخله الشهري أو اليومي إلا “القليل القليل” من مستلزمات واحتياجات أسرته.

لا شكّ أن هذا الواقع غير المنضبط، والتمادي غير المقبول في الأسعار، ظهرت آثاره السلبية بوضوح على المشهد الحياتي اليومي، وعلى واقع الأسرة المتهالك، والتي بدت عاجزة تماماً عن إحداث أي توازن بين دخلها المحدود والمتواضع ومتطلباتها واحتياجاتها المتزايدة، وهي معادلة بات من الصعب فكّ رموزها في ضوء تدني معدلات الرواتب والأجور، وتراجع منسوب العمل والإنتاج، والمتزامن مع ارتفاع كلف الإنتاج واختلاق وافتعال الأزمات الاقتصادية والمعيشية.

وأمام كارثية غلاء الأسعار، وعدم قدرة الجهات الرقابية على ضبط الأسواق ولجم حيتان السوق، لأسباب منها ما هو مبرّر لجهة ارتفاع كلف الإنتاج والنقل، ومنها ما هو غير مفهوم ومبهم ويندرجُ تحت مسميات عدة وغير بريئة، تطولُ قائمة المشكلات والأزمات في ظلّ قصور الإجراءات الرادعة والتغاضي عما يجري، بقصد أو غير قصد، وهي مسؤولية تقع في المقام الأول على المؤسسات والمديريات التنفيذية المغّيبة والمستسلمة للواقع الراهن، عملاً بالمثل الشعبي “الطبل في دوما والعرس في حرستا”.

خلاصة القول: مع بدء العدّ التنازلي لنهاية شهر رمضان الفضيل والاستعداد لاستقبال عيد الفطر السعيد، وهو ليس ككل الأعياد، بالنظر إلى أعبائه وكلف الاحتفاء به، نرى أن المبادرات الخيرية ومساهمات أهل الخير وغيرها من الفعاليات والأنشطة المماثلة، على أهميتها وضرورتها، وإن أسهمت في التخفيف ما أمكن من معاناة وأعباء الفقراء والأكثر احتياجاً خلال الشهر الفضيل، إلا أن تأثيرها يبقى موضعياً ومؤقتاً، ما يعني أن المشكلة والأزمة ستبقى مستمرة، وربما ستزداد اتساعاً، في ضوء استعصاء الحلول على الفريق الحكومي الاقتصادي، والمفترض أنه يدرك جيداً أن العبرة ليست فقط بتوافر وتنوع المواد والسلع في الأسواق، وإنما في تفعيل وتنشيط حركة العرض والطلب التي تراجعت إلى أدنى مستوياتها لضيق ذات اليد، ما يتطلب أولاً ضمان استمرار العملية الإنتاجية وعدم تعثرها وتوقفها، عبر اتخاذ قرارات وإجراءات أكثر مرونة لجهة تخفيض الضرائب والرسوم وأسعار حوامل الطاقة وغيرها من مدخلات الإنتاج، وثانياً تحقيق العدالة بين الدخل والإنفاق. وبمعنى أدق وأوضح، لا يمكن وتحت أي مسمّى تقوية دعائم الإنتاج والاقتصاد، ما دام دخل الموظف والأسرة عموماً لا يكفي لأسبوع أو أسبوعين على أبعد تقدير.