رغم انتشاره وأرباحه الوفيرة.. مخاوف من أثر الكمّون على المحاصيل الاستراتيجية
دمشق – زينب محسن سلوم
يعتبر الكمون السوري من المحاصيل العطرية المربحة نسبياً، والمطلوبة داخلياً وتصديرياً، فضلاً عن ميزاته في قلّة معاملات ما قبل الحصاد وصولاً إلى التخزين، لكن هذه الزراعة ومجموعة أخرى من الزراعات باتت تثير القلق لتسبّبها في تدني الإقبال على زراعة المحاصيل الاستراتيجية التي باتت تخرج عن هكتاراتها المحدّدة عاماً بعد عام رغم الشعارات الكثيرة بدعم تلك المحاصيل والتسعير التأشيري والنهائي لمواسمها، فهل سنشهد “مآتمها”؟
وقد شهدت زراعة الكمون هذا العام ازدياداً كبيراً، في محاولة من المزارعين للتكيف مع التحديات الزراعية والاقتصادية التي واجهتهم في مواسم أخرى مختلفة كونها أصبحت غير مربحة مادياً مقارنة بتكاليف زراعتها والعناية بها، ليأتي تفضيل المزارعين لزرع الكمون نظراً للأرباح التي يحققها المحصول وخاصة ما تمّ تحقيقه في موسم العام الماضي.
وأكد محمد (مزارع) أنه استبدل زرع محاصيل مختلفة بزراعة الكمون لأنه محصول بعلي يعتمد على الأمطار، وجاف يمكنه أن يتكيف مع معظم المناطق الجافة، إضافة الى إنتاجيته العالية، وسعره المرتفع، وأوضح أن الدونم الواحد ينتج ما بين 50- 100 كغ، وسعر الكيلو الواحد يتجاوز الـ١٢٠ ألف ليرة.
بدوره أشار أحمد الحميدي، رئيس دائرة الإنتاج النباتي في وزارة الزراعة والاستصلاح الزراعي لـ”البعث” إلى أن الوزارة تقوم سنوياً بإعداد الخطة الإنتاجية الزراعية والتخطيط من خلالها لزراعة المحاصيل الاستراتيجية والرئيسية والتكثيفية الشتوية والصيفية بموجب نسب محدّدة ضمن ميزان استعمالات الأراضي والموارد المائية لكل محافظة، بحيث تكون النسبة الأكبر للمحاصيل الاستراتيجية وعلى رأسها القمح.
وأوضح حميدي أن زراعة الكمون من مجموعة النباتات التي يتمّ إدراجها ضمن الخطة الإنتاجية الزراعية السنوية، بالاضافة إلى مجموعة أخرى من النباتات تضمّ (اليانسون، حبة البركة، الكزبرة، الزعتر، الشمرا، الوردة الدمشقية)، لافتاً إلى أن سبب إقبال المزارعين على زراعتها عديدة، أهمها أسعارها التسويقية المرتفعة، سواء في الأسواق المحلية أو الخارجية، وانخفاض تكاليف زراعتها بالمقارنة مع المحاصيل الأخرى، بالإضافة إلى انخفاض احتياجاتها المائية كون معظمها زراعات شتوية، وأشار إلى أن العمر البيولوجي أي (فترة نموها) قصيرة مقارنةً بالمحاصيل الأخرى، ما يتيح للمزارعين بعد حصادها استغلال الأرض وزراعتها بمحصول آخر في العام ذاته.
ونوّه بأن الكمون يعتبر من ضمن مجموعة النباتات الطبية والعطرية التي تدرجها الوزارة في خططها الزراعية السنوية، مبيناً أنه في هذا الموسم ٢٠٢٣- ٢٠٢٤ يتمّ التخطيط لزراعة مساحة ٢٣٢٤٤ هكتار كمون، في حين بلغ ما تمّ زراعته في الموسم الماضي مساحة ٢٧١٢٨ هكتاراً في المناطق الآمنة، أي بنسبة زيادة عن العام الماضي قدرها ١١٧%، منوهاً بأن الأسعار التسويقية المرتفعة للمحاصيل مهما كان نوعها هي التي تحدّد انتشار وتوسع هذه المحاصيل.
بالنسبة للسعر، أوضح أنه يتمّ تداول الكمون بالسوق المحلية من قبل التجار، وأيضاً يتم تصدير الفائض من قبلهم، بموجب موافقات الجهات المعنية، مبيناً أن الدولة لا تتسوق محصول الكمون، كما أضاف أنه خلال الموسم الماضي وصل سعر المبيع للكيلو الواحد إلى نحو ١٢٠ ألفاً.
وبخصوص صعوبات انتشار زراعته، أوضح رئيس الدائرة أنه ليس هناك من صعوبات تعيق انتشاره سوى ملاءمة المناطق البيئية له، وأحياناً الأراضي المناسبة لأن الكمون معرّض للإصابة بأعفان الجذور بشكل مرتفع.