عبير أحمد: الجسد لغة ولوحاتي غير مرحّب بها
طرطوس ـ هويدا محمد مصطفى
برزت الفنانة التشكيلية عبير أحمد في السنوات الأخيرة، من خلال مشاركاتها بمعارض تكريمية عديدة، وتحدت بموضوع لوحاتها قتامة النظرة المجتمعية الحالية، التي تعدّ الموضوع العاري من المحرمات، وعلى الرغم من معاناتها المتواصلة، ورفض لوحاتها من قبل المسؤولين عن عديد من الصالات والمعارض، أصرّت على رسم موضوع العري، لأنها وجدت نفسها فيه، ومن خلاله أبرزت قدراتها التشريحية والتقنية، التي تتجاوز الصياغة التسجيلية الباردة، وتبرز اللوحة كمدخل لتحسس جماليات الفن الحديث والمعاصر، من خلال العفوية التي تضفيها على الموضوع، وعبر تقنية تركيب طبقات اللون، والعمل على إظهار كثافته وخشونته ونعومته في آن واحد، والخشونة اللونية التي تعتمدها في لوحاتها، تعبر في نهاية المطاف عن خشونة الواقع المأساوي الذي نعيشه سببته الحرب، وخشونة المجتمع في تعامله مع الجسد الأنثوي العاري، الذي هو رمز النعومة والرومانسية والخيال، والإلهام الفني والشعري على مرّ العصور.
بدأت عبير أحمد الرسم وهي صغيرة جداً أي قبل دخولها المدرسة، ولاحقاً ـ بحسب ما تقول ـ أصبحت رائدة طليعية على مستوى القطر في الرسم والخط العربي ثلاث سنوات متتالية، أما من كان يشجعها ويدعم فموهبته فهو خالها، تبين: “خالي صلاح عقول شجعني واهتمّ بموهبتي، كان حينها معيداً في كلية الفنون، وكان يزودني دائماً بالأقلام والألوان والدفاتر ويعلمني كيف أرسم وألون”.
أما الموضوع الأكثر أهمية والذي يشغلها وتشتغل عليه أحمد فهو الجسد العاري، توضّح: “أعشق الجسد وأظن كل الفنانين يعشقون الجسد، أنا أحبه كثيراً ويستهويني لأنه لغة النفس البشرية وأحلامها ومعاناتها، لكن للأسف يعدّ في مجتمعنا ـ حالياً ـ من المحرّمات جدّاً، على الرغم من أنه كان في السابق موضوع مهم وأساس في الرسم والنحت ومعترف فيه عالمياً وعلى نطاق واسع، ويبدو أنّ الغزو الصحراوي أثر كثيراً على منهجيتنا وأسلوبنا الفكري، ولا سيما في مجال الرسم والـ”موديل” تحديداً”.
لكن.. لماذا لم تقم أحمد معارض فردية لها؟، تجيب: “ولا صالة قبلت عرض أعمالي، بسبب الموضوع ذاته، علماً أنّ معظم الفنانين، وعلى مر العصور، رسموا موضوع الجسد العاري، وهو مطروح بكثرة في تاريخنا النحتي الموجود في المتاحف، كما أن كليات الفنون تستعين بالـ”موديل” العاري الحي، لأنه المقياس الذي يكشف مدى قدرة الطالب على الرسم الأكاديمي والواقعي”.
أما المعارض الجماعية التي شاركت فيها فكثيرة، تبين أحمد: “شاركت بمعارض جماعية كثيرة، لكن الأحب على قلبي مشاركتي بتكريم الفنان الرائد الأستاذ نشأت الزعبي في المركز الثقافي العرب بـ”أبو رمانة” والفنانة الراحلة سوسن جلال في ثقافي كفر سوسة كما شاركت في معظم المعارض التكريمية التي أقيمت في السنوات الأخيرة، ومن ضمنها معرض الاحتفاء بالأديب والفنان جبران خليل جبران الذي أقيم في ثقافي “أبو رمانة” أيضاً، وانتقل إلى صالة طرطوس القديمة، كذلك معرض تكريم الناقد والإعلامي الراحل صلاح الدين محمد، ومعرض تكريم الفنان الراحل زياد زكاري في المركز الثقافي العربي بالمزة، ومعرض تكريم الفنان الكبير الراحل عمر حمدي والفنان محمد هدلا والفنانة ليلى رزوق والباحث الراحل سلام طعمة”.