دراساتصحيفة البعث

من أم الرشراش إلى الجليل.. الدعاية الصهيونية ساقطة

طلال ياسر الزعبي 

لا شك أن العدو الصهيوني بات يدرك جيداً أن الواقع في المنطقة لم يعُد كما كان قبل عملية طوفان الأقصى المباركة، وأن المعادلات جميعها قد تغيّرت لمصلحة محور المقاومة، فهو لم يعُد قادراً على فتح جبهة جديدة أو حتى التهديد بفتحها، كما أنه عاجز عن ترميم صورته التي تهشّمت على خلفية الانتصارات المتكررة للمقاومة.

إنه الآن ينظر إلى المسألة من منظور واحد فقط، وهو العمر المتبقّي له هنا إذا لم تحدث معجزة تضخّ الحياة في عروقه، لأنه أدرك جيداً أنه سيكون عاجزاً وإلى الأبد عن تحقيق أي نصر في أي معركة مقبلة، فلم يعُد بمقدوره التباهي مثلاً باحتلال أي منطقة على الأرض أو تثبيت أقدامه فيها، أو حتى التوغّل طويلاً فيها، كما أنه بات عاجزاً عن الادّعاء أنه قادر على جلب المزيد من اليهود إلى الأرض المقدسة، بل إن الدعاية التي يستخدمها لجلب هؤلاء أصبحت ساقطة، فلا الأمن الذي يدّعونه بقي موجوداً ولا الرفاه والاقتصاد يمكن الركون إليهما بعد الآن، حيث انعكس ذلك انهياراً اقتصادياً لم يشهده الكيان منذ قيامه وهروباً لرؤوس الأموال إلى الخارج وانكماشاً في الرقعة التي يستوطنها السكان، فضلاً عن القلق الوجودي الذي بات يلاحق الصهاينة دائماً، وانهيار الدعاية الصهيونية القائمة على أساس أن الصهاينة شعب الله المختار المؤيّد بنصره، وهو الأهم، لأنه لم يعُد ممكناً التعتيم عليه، ولا يمكن لأيّ نصر يدّعيه الاحتلال أن يغطيه.

فالحديث هنا يجب أن يأخذ جانباً استراتيجياً محضاً، لأن تداعيات عملية طوفان الأقصى ستستمر ولن تستطيع الدعاية الصهيونية التغطية عليها، كما أن الدعاية المضادة نشطت مع استمرار حرب الإبادة التي يشنّها الكيان الصهيوني على الفلسطينيين، الأمر الذي أفقده التأييد العالمي الذي كانت تفرضه الدعاية الصهيونية في غياب دور الدعاية المضادة أو عجزها عن توضيح حقيقة الوجود الصهيوني في أرض فلسطين التاريخية.

ومن هنا فإن أهم نتيجة يمكن أن يتم استخلاصها من عملية طوفان الأقصى هي سقوط الدعاية الصهيونية وإصابتها في مقتل، وهذا أكبر مؤشر على زوال الكيان الصهيوني، وهو ما يدركه حكام وحكماء بني صهيون معاً، وبالتالي ليس غريباً أن نلاحظ هذا التخبّط الشديد الذي يسود قادة الاحتلال فيما يتعلق بكيفية الخروج بماء الوجه من هذه المعركة، لأنهم يدركون جيداً أن وقف الحرب دون الوصول إلى نصر ناجز، يعني باختصار بداية العدّ التنازلي لإمبراطورية الدم التي بنوها على أرواح سكان فلسطين التاريخية، وأن عليهم عندها حزم حقائبهم والخروج من هذه الأرض المقدسة إلى غير رجعة.