محاولات لاستضافة فرحة العيد.. والغلاء يصادر الأحلام ويخطف الآمال
دمشق – البعث
لم ترحم الأسعار الكاوية جيوب المواطنين ليزيد التجار أصحاب النفوس الضعيفة الطين بلة فيقف الأهل عاجزين عن تلبية متطلبات أطفالهم الذين يتشوقون للعيد ويبدو ذلك ظاهراً على وجوههم فهم ينتظرونه من عام لآخر لارتداء الملابس الجديدة وللحصول على العيدية من الأقارب والأحبة ولأكل السكاكر والشوكولا وركوب الأراجيح التي تغص بها بعض ساحات دمشق المعروفة، وها هو أبو نبيل يعود أدراجه من السوق حاملاً خيبة الأمل بعدم قدرته على شراء ألبسة جديدة لأطفاله فهو بالكاد يؤمن قوت يومه.
وتتساءل ربا عن دور الرقابة في كبح جماح التجار ممن يستغلون حاجة المواطن ويرفعون الأسعار فحتى الحلويات أصبح شراؤها حلماً بالنسبة للأسر السورية من أصحاب الدخل المحدود.
بدورها أم عبده وهي الموظفة قالت: نحن نحاول أن نتغلب على آلامنا وهمومنا وأن نمارس حياتنا بشكل طبيعي والاحتفال بالعيد ولكن الواقع يصدمنا فالأسعار مرتفعة جداً ولا نستطيع مجاراتها برواتبنا التي لم ولن تصمد أمام استغلال البعض للأزمة والمتاجرة بنا وبلقمة عيش أولادنا فهؤلاء زادوا من معاناتنا وغيّبوا ليس فرحة العيد فقط بل ونغصوا أيامنا بهموم لاتعد و لاتحصى.
وشاركتها منى الحديث لتقول: كنا في السابق نعمل على صناعة الحلويات في منازلنا ولكن في هذه الأيام الصعبة بات الأمر شبه مستحيل وغير مجدي لا من الناحية الاقتصادية ولا من الناحية الأجتماعية النفسية في ظل ارتفاع التكاليف وحالة القلق القابضة على يوميات حياتنا.
واقع الأسواق
هذه الحوارات كانت جزءاً من اللوحة التي حاولنا رسمها حول واقع الأسواق التي كنا نعتقد أنها ستكون في قمة نشاطها فقد توقعنا أن نجد “كما في الأيام السابقة” كل شيء نابضاً بالعيد.. فالفرح والأمان وضحكات الأطفال كانت رغم التحديات في كل مكان ولكن للأسف الصورة لا تخلو من المشاهد المأساوية فالآلام والأوجاع كانت حاضرة في كل بيت وعلى كل وجه والحياة تنزف بؤساً وحاجة والأسواق تئن من وطأة الغلاء ورحيل الزبائن فالشوارع المحلات التي ازدحمت واجهاتها بالأزياء والتنزيلات التي تدعو المارة للدخول والتسوق لم تكن كسابق عهدها بعد أن افتقدت أهم مكوناتها حيث غاب الزبائن.
ففي سوق الحمراء بدمشق لايختلف المشهد من حيث الحركة والازدحام عن غيره من الأسواق إلا أنها كانت حركة وهمية تغيب فيها القوة الشرائية الكبيرة التي وصفها أحد أصحاب محلات الألبسة بقوله أني أرى أناساً ولا أرى فلوساً محاولاً بذلك مقاربة وضع الأسواق مع المثل القائل أني أسمع جعجعة ولا أرى طحيناً.
وقال: نعمل بكل السبل والوسائل لجذب الزبون من خلال التنزيلات وتقديم كافة الخدمات التي من شأنها خلق علاقة جيدة معه وأحيانا كثيرة نتنازل عن مبلغ جيد من أرباحنا بهدف عدم إفلات الزبون ودفعه للشراء وتأمين مصروفنا ورواتب العمال وكل مايتعلق بصرفيات المحل الضرائب.
وخلال جولتنا في الأسواق، التقينا العديد من الأشخاص منهم من كان يحمل أكياساً تحوي بعض مستلزمات العيد حيث أكدوا أن جولتهم هذه هي تتويج لشهور من الاقتصاد بالمصروف الضئيل وتخزين الفائض المتواضع والإلزامي لمثل هذه الحالات في المطمورة التي تحفظ لهم ماء وجهم في المجتمع وترسم البسمة على وجوه أطفالهم الذين ينتظرون العيد بفارغ الصبر وقد تحوي هذه المطمورة ثمن بعض المصاغ الذهبي الذي تم بيعه للمساعدة في التغلب على ظروف الحياة كما أشاروا إلى أن أسعار بعض المواد قد تكون مقبولة ومتناسبة مع التكلفة إلا أنها لا تتناسب أبدا مع الحالة الاقتصادية والدخول وخاصة في هذه الظروف الخانقة وأزمتها ولفتوا إلى ارتفاع أسعار بعض المواد بشكل غير مقبول واللافت في حديث هؤلاء تبريرهم لتصرف أصحاب المحلات الذين يحاولون تعويض ما فاتهم من أرباح خلال موسم العيد.
أما القسم الآخر فكانوا من المتفرجين الذين يتجولون في الأسواق بحثاً عن التسلية وتمضية الوقت في الوقوف طويلاً أمام الواجهات وإطلاق الوعود لأنفسهم ولأطفالهم باقتراب الفرج وموعد التسوق، فأم محمد التي اعتادت شراء الكثير من والأغراض للاحتفال بالعيد تحاول الآن جاهدة تركيز اختيارها على الأمور الضرورية فقد اختصرت جولتها التسويقية على بعض المواد الخاصة بالضيافة، أما خليل الذي كان يركض وراء أولاده الذين يتسابقون إلى المحلات لشراء ملابس العيد فقد أكد أنه اكتفى بشراء ما يسعد أطفاله فقط وأشتكى من الغلاء الفاحش وارتفاع الأسعار بشكل لا يصدق فملابس الأطفال باتت خارج السيطرة وتعيش حالة جنونية لم تشهدها هذه السوق من قبل.