محاولة يائسة تنمّ عن الهزيمة
هيفاء علي
شنّت “إسرائيل” مئات الغارات الجوية على الأراضي السورية مع إفلات كامل من العقاب، لأن المجتمع الدولي هو الذي يحميها، واليوم اغتالت جنرالاً كبيراً في الحرس الثوري الإسلامي في القنصلية الإيرانية في سورية مع ستة مستشارين آخرين، ولكن هذا الاغتيال لن يردع إيران والمقاومة اللبنانية عن الردّ على هذه الجريمة البشعة في الوقت المناسب.
ومن الواضح أن القصف كان يهدف إلى تحريض محور المقاومة على الانحراف عن استراتيجية التوازن بين المواجهة والحذر، والتصعيد إلى درجة تجرّ فيها الولايات المتحدة، باعتبارها الحامي الإقليمي لـ”إسرائيل”، إلى الصراع.
ونظراً لنتائج الاغتيالات السابقة لكبار مسؤولي الحرس الثوري الإيراني، لا يوجد سبب للاعتقاد بأن “إسرائيل” ستحقق ذلك أيضاً، ومحاولتها اليائسة المتعمّدة للتصعيد ستثبت في النهاية أنها خطأ فادح. فجيشها لا يستطيع أن يتحمّل خسائر فادحة مثل القوى الإقليمية الأخرى، كما أن قسماً كبيراً من سكانها الأشكناز المثقفين والنخبة الأمنية، يحملون جوازات سفر أجنبية، واقتصادها يعاني من ركود شديد نتيجة تداعيات عملية طوفان الأقصى والعدوان الذي تلاه على قطاع غزة.
وتحت تأثير القومية الدينية، تدهورت الطبقة السياسية الإسرائيلية إلى حدّ أنها أصبحت غير قادرة على اتخاذ قرارات عقلانية أو القيام بدعاية فعّالة، وقد أثبت جيش الاحتلال الإسرائيلي عدم قدرته على تحقيق أي من أهدافه المعلنة في غزة بعد ما يقرب من ستة أشهر من العدوان على قطاع غزة المحاصر.
وفي غضون جيل واحد، سوف يشهد العالم تحوّلاً حاسماً في ميزان القوى في المنطقة وفي السياسة الداخلية للولايات المتحدة بعيداً عن مصالح “إسرائيل”، فالعملية تتسارع بوتيرة تتجاوز توقعات كل المراقبين قبل 7 تشرين الأول.
وحسب الموقع الإعلامي اللبناني “الخنادق”، فإن الجنرال زاهدي كان في لبنان قبل ساعات قليلة من الهجوم، وكان على قائمة التصفية الإسرائيلية. وكانت وسائل إعلام إسرائيلية نشرت قبل عدة أشهر تقريراً اتهمته بتقديم مساعداتٍ لوجستية وعسكرية لمحور المقاومة، وخاصة في لبنان وسورية وفلسطين، ولا سيما المرتبطة بالطائرات دون طيار والأنظمة المضادة للطائرات والصواريخ.
وحسب الموقع، فإن الطائرات الإسرائيلية دون طيار كانت تراقب مبنى القنصلية من الجولان السوري المحتل، وانتظرت حتى يخرج المسؤول لتطلق 6 صواريخ جو-أرض على القنصلية، وأن “المجرم نتنياهو” أمر بهذه الجريمة بهدف جرّ إيران إلى مواجهة مباشرة مع الولايات المتحدة. ولم يعبّر أي من القادة الإسرائيليين أو الأمريكيين عن موقف رسمي، حيث أفاد موقع “أكسيوس” الأميركي، نقلاً عن مسؤول أميركي طلب عدم الكشف عن هويته، أن الولايات المتحدة أبلغت إيران أنها لم تكن على علم مسبقاً بالغارة الإسرائيلية على القنصلية الإيرانية في دمشق، بينما أفاد مسؤولون أمريكيون وإسرائيليون آخرون أن “إسرائيل” أبلغت واشنطن فقط قبل دقائق من الغارة الجوية يوم الاثنين، وأصرّوا على أن “إسرائيل” “لم تطلب الضوء الأخضر الأمريكي لتفعيلها”. وحسب الموقع نفسه، فإن “هذه الرسالة النادرة” التي أرسلتها واشنطن إلى طهران توضح أن “إدارة بايدن تشعر بالقلق والمخاوف من أن تؤدي الضربة الإسرائيلية إلى تصعيد إقليمي لن تحمد عقباه.
من جهتها، أشارت جريدة الأخبار اللبنانية، إلى أن “إسرائيل” تترقّب، بقيادتيها السياسية والأمنية، الردّ الإيراني، الذي يبدو أن هنالك إجماعاً في دول المنطقة والعالم، على أنه واقع لا محالة، مع اختلافات في تقدير شكله ومداه، وما سيؤدّي إليه، مضيفة: إن “إسرائيل” تتجهّز لتلقّي الردّ، إذ إنها تدرك أن الإيرانيين أكثر إصراراً هذه المرة مما كانوا عليه في المرات السابقة على الردّ بشكل كبير على عملية الاغتيال في دمشق. وبناءً على ذلك، أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي، أنه قد تقرّر استدعاء جنود الاحتياط في سلاح الدفاع الجوي في إطار تقييم للوضع الأمني.
بالمجمل، تبدو الصدمة الساحقة اليوم، الناجمة عن طوفان الأقصى بمنزلة نذير لضربة أكثر حسماً ضد الصهيونية، والحقيقة أن من يتولّى زمام المبادرة اليوم هو تكتل من القوى سوف ينفّذ انتقاماً كبيراً من “إسرائيل”.