وسام دعبول: واقع الفن التشكيلي مؤلم
طرطوس ـ هويدا محمد مصطفى
عرفت الفنانة التشكيلية وسام دعبول من خلال فنها الكلاسيكي الذي شكل بصمتها الخاصة، فكيف لا وهي أنثى تلون أصابع الفرح بريشتها ولتمتزح ألوان الحياة بكل أشكالها ترسم بحب وشغف، وكل لوحة من لوحاتها تحكي قصة نسجتها بمخيلتها، لتأخذ المرأة حيزاً كبيراً في معظم أعمالها.
بدأت دعبول الرسم وهي طفلة، توضّح: “تأثرت بوالدي الفنان التشكيلي سمير معروف، فكان المعلم والمرشد الأول الذي زرع في نفسي الفن وحب الفن، وشجعني على دخول مسابقات الرواد، وعلمني الرسم الهندسي، وعلى الرغم من ارتيادي للجامعة ودراسة الأدب الإنكليزي، لكن المفضَّل لدي كان دائماً الفن والرسم، فبدأت باستخدام أقلام الفحم والألوان المائية والرسم على الزجاج والألبسة”.
تعتمد دعبول على نسخ لوحات كلاسيكية وواقعية معروفة، تبين: “في بداياتي الفنية تأثرت بلوحات الفنانين “ماريللو” و”رفائيل”، وحاولت رسم أعمالهما، ثم أصبحت لي لوحاتي الخاصة كلوحة “الأمل” ولوحة “الربيع”، ولوحة “انعكاسات”، ولوحة “غصة” والكثير من لوحات الطبيعة الصامتة والمناظر الطبيعية”، مضيفةً: “أنتمي إلى المدرسة الكلاسيكية الواقعية والواقعية الحديثة، وتأثرت بفناني العصور الوسطى الذين صوروا الجسد البشري بمنتهى البراعة كـ”مايكل آنجلو” و”ماريللو” و”رفائيل”، وأحترم فنّاني الرسم التجريدي وجميع المدارس الفنية، إن الفن التجريدي يترك مجال من الحرية والتوسع في الفن وفي اختيار الألوان حتى المتناقضة والحادة والقوية منها، لذلك يكون مجال النقد قليل أو نادر، بعكس الفن الكلاسيكي الواقعي الذي يضعك أمام حيّز ضيق بسبب صعوبته وتجسيد الفن واقعاً، وهنا يكمن التحدي لأنك تجد نفسك أمام التعرض للنقد أو الوقوع في الأخطاء، وإن صعوبته هي ما جعلني أختاره لأنني أنشد الإبداع والتَّحدِّي، ويبقى لكل مدرسة جماليتها”.
وتتابع دعبول حديثها للـ”البعث” وتقول: “بالإضافة إلى الأحاسيس، أضفت قدرتي على خلق ألوان جديدة مريحة للنظر، وأضفت مواضيع جديدة تحمل معان إنسانية، وأرغب في لوحاتي القادمة تجسيد الألم الذي عاناه السوريون أطفالاً ونساء ورجالاً، وأن أظهر مدى قوة وجبروت هذا الشعب الأبيّ، وألّا أغفل عن الحضارة العريقة والميثولوجيا السورية التي قدمت الغنى الفكري لجميع الشعوب”.
حبّها وربّما تحيّزها إلى الكلاسيكية، دفع دعبول إلى إطلاق نداء لاتّحاد الفنّانين التّشكيليين تقول فيه: “المدرسة الكلاسيكية الواقعية هي من أسمى وأعرق المدارس، وأتمنى من الاتحاد الاهتمام به، لأنّني أرى مبالغة بالاهتمام بالرسم السريالي والحديث، مع نسيان عصور من حضارة الفن الكلاسيكي، لا جديد جميل من دون قديم وعريق أجمل”.
تجهّز دعبول مجموعتها للمعرض الذي ستشاركه به في دمشق، وترغب في المشاركة بالمعارض التي تقام في جميع أنحاء القطر، لكنها تقول: “واقع الفن التشكيلي مؤلم لأسباب عدّة، منها اتجاه معظم الناس إلى الرسم الحديث البسيط البعيد عن الواقع والعشوائي في اختيار الألوان، وهذا أدى إلى التقليل من قيمة الإبداع المتجلي في الفن الكلاسيكي، كذلك الإهمال للفن في بلادنا بسبب الظروف التي نعيشها، وتشجيع فئات معينة من فناني الرسم الحديث مع إهمال الفن الواقعي أدى إلى ندرة فناني المدرسة الواقعية”.