القادم افضل
معن الغادري
بهجة و فرحة منقوصة وربما كانت غائبة كلياً هذه المرة عن رب العائلة الذي بدا عاجزاً تماماً خلال الأيام الأخيرة من الشهر الفضيل التي سبقت عيد الفطر، عن تأمين الحد الأدنى من مستلزمات واحتياجات أسرته من الألبسة والحلويات وغيرها من متطلبات الاحتفاء بطقوس العيد، ولسان حالنا وأنا منهم يقول بأي حال عدت يا عيد.
و في الواقع وعلى الرغم من جنوح الواقع المعيشي نزولاً نحو المزيد من الضبابية والتعقيد، ثمة ما يدعو للتفاؤل على المدى القريب جداً، ومرد هذا التفاؤل ما تشهده البلاد من حراك حقيقي و على أعلى المستويات لإزاحة الغمامة السوداء التي فرضتها ظروف الحرب الإرهابية والحصار الاقتصادي الجائر والظالم منذ أكثر من 12 عاماً من قبل قوى العدوان والشر، والتي بدت أهدافه ودوافعه واضحة وجلية وهي إضعاف الدولة السورية و تفكيك المجتمع وتجويع و إركاع الشعب السوري، إلا أن ذلك لم ينجح و حصد فشلاً ذريعاً، بل على العكس زاد من صلابة المجتمع السوري وتماسكه وتكاتفه وتلاحمه، وهو ما دلت عليه حالة التضامن والتكافل غير المسبوقة خلال الشهر الفضيل والبركة، بتنوع أعمال الخير على المستوى الفردي والجماعي والتي امتدت في كامل خريطة الوطن، ما ترك كبير الأثر في النفوس والقلوب وعكس دون أدنى شك عظمة و وحدة الشعب السوري بكل أطيافه وشرائحه، وبالتالي جاءت هذه المبادرات الإنسانية والخيرية لتؤكد مجدداً أن سورية لن تلين و لن تنكسر مهما اشتدت المحن، وستبقى منبعاً للخير والعطاء.
وتعميقاً وترسخياً لهذه المفاهيم ، نرى أنه من المهم جداً استمرار هذه الجهود المجتمعية والأهلية والإنسانية النبيلة، و أن لا تنحصر فقط خلال المناسبات وحسب بل يجب أن تستمر بمناسبة ودون مناسبة وبقوة أكثر ومساحة أوسع، لأنها تنمي فينا جمعياً الإحساس بالآخر و توثق أواصر المحبة والتكافل والتلاحم والتراحم والتلاقي، والمؤكد أن القادم أفضل و أن الفرحة والبهجة لن تبقى منقوصة، ولن نردد مجدداً بأي حال عدت يا عيد.
وكل عام وأنتم بألف خير.