الشباب الفرنسي غير مستعدّ للحرب في أوكرانيا
هيفاء علي
خلافاً لما تزعمه بعض وسائل الإعلام الفرنسية الرئيسية، فإن 17% فقط من شريحة الشباب الفرنسيين على استعداد للانخراط في حرب في أوكرانيا. وهذا التلاعب بالمعلومات أمر مقلق لأنه يهدف إلى تهيئة الرأي العام لتقبل فكرة التدخل العسكري في هذا البلد. ففي شباط الماضي، اقترح إيمانويل ماكرون إمكانية إرسال قوات غربية إلى أوكرانيا، وهي الفكرة التي أثارت ردود فعل قوية حتى من حلفائه الأوربيين أنفسهم، ومع ذلك، من المهم تصحيح المعلومات الخاطئة التي تم تداولها في بعض وسائل الإعلام، والتي تفيد بأن واحداً من كل اثنين من الشباب الفرنسيين مستعدّ للالتزام بأوكرانيا، وفق ما أوردته قناة “آر تي ال” في عنوانها الرئيسي: “الحرب في أوكرانيا: واحد من كل اثنين من الشباب الفرنسي يقول إنه مستعدّ للمشاركة، وذلك وفقاً لدراسة حديثة”.
ولكن في الواقع، وفقاً للدراسة نفسها التي أجراها أحد مراكز استطلاع الرأي، ونشرت في 12 نيسان الجاري، فقد أجاب 17٪ فقط من الشباب الفرنسي بـ”نعم، بالتأكيد” على السؤال “إذا كانت حماية فرنسا تتطلب انخراط البلاد في الحرب في أوكرانيا، والذي جاء بصيغة: هل أنت على استعداد للالتزام بالدفاع عن بلدك؟.
بالإضافة إلى ذلك، أجاب 34% بـ”لا”، ولكن من المهم ملاحظة أن عدداً كبيراً من هؤلاء المشاركين قد يغيّرون رأيهم في النهاية وينتهي بهم الأمر في فئة “لا” لانخراط الشباب الفرنسي في الحرب في أوكرانيا، لذلك من الخطأ التأكيد أن نصف الشباب الفرنسي سيكونون على استعداد للانخراط في حرب في أوكرانيا. وتظهر نتائج الدراسة أن أغلبية الشباب الفرنسي غير مستعدّ لخوض الحرب، وأن أقلية فقط مستعدة لذلك.
ومن المهم الإشارة أيضاً إلى أن الدراسة تكشف أن نصف الشباب الفرنسي يهتمون بالعالم العسكري من خلال الأفلام وألعاب الفيديو، وهو ما يمكن أن يعطي صورة مشوّهة عن واقع الحرب. وحسب مراقبين، فإن شريحة الشباب الفرنسي تدرك التحدّيات التي يواجهها الدفاع الوطني، ولكن هذا لا يعني أنها على استعداد لخوض حرب حقيقية، وما يدعو للاستغراب أن بعض وسائل الإعلام الرئيسية شوّهت نتائج الاستطلاع لتؤكد أن “واحداً من كل اثنين من الشباب الفرنسيين يقول إنه مستعد للانخراط” في نزاع مسلح في أوكرانيا، وما يزيد من القلق أن هذا التلاعب بالمعلومات يهدف إلى إعداد الرأي العام، وخاصة الشباب الفرنسي، لقبول فكرة التدخل العسكري في هذا البلد. وما يزيد من فضيحة هذه المعلومات المضللة أنها تخدم مصالح الحكومة الفرنسية وأوكرانيا، على حساب المصلحة العامة. وعليه، فإن الصحفيين الذين ينقلون هذه المعلومات الكاذبة هم متواطئون في هذا التلاعب بالرأي العام، وبالتالي ينتهكون المبادئ الأخلاقية لمهنتهم، تماماً كما يسوّقون لتشويه صورة روسيا ويحرضون على “إلحاق الهزيمة” بها في أوكرانيا.