خسائر اقتصادية فادحة.. حرب غزة تكلّف إسرائيل 73 مليار دولار
البعث- وكالات
ألحقت الحرب على غزة أضراراً جسيمة باقتصاد إسرائيل، وكبّدت مختلف القطاعات الاقتصادية والتجارية والأسواق وفروع العمل خسائر مالية فادحة، بسبب الإجراءات الاقتصادية المختلفة وسياسات حكومة بنيامين نتنياهو خلال هذه الحرب التي تسبّبت بإجلاء نحو 250 ألف إسرائيلي من منازلهم من الجنوب والشمال – نحو 40% منهم لم يعودوا إلى منازلهم حتى اليوم – حيث تمّ إيواؤهم في 438 فندقاً ومنشأة إخلاء، وهو ما كلف الوزارات الحكومية 6.4 مليارات شيكل (1.8 مليار دولار)، بحسب بيانات وزارة الرفاه والسياحة الإسرائيلية.
وبمرور نصف عام على الحرب، يقف الاقتصاد الإسرائيلي أمام مفترق طرق، مع انهيار وشلل شبه تام وخسائر فادحة بقطاع البناء والعقارات، وبالصناعات والزراعة والسياحة الداخلية، وذلك مع استمرار الارتفاع في كلفة الحرب وتداعياتها على الموازنة العامة لإسرائيل، التي تعاني عجزاً بقيمة 6.6% من الناتج المحلي، بحسب ما أفاد تقرير بنك إسرائيل.
ويعاني الاقتصاد الإسرائيلي من تداعيات الحاجة إلى تجنيد الجيش الإسرائيلي مئات الآلاف من جنود الاحتياط، إلى جانب إجلاء مئات الآلاف من الإسرائيليين من منازلهم في مستوطنات “غلاف غزة”، والنقب الغربي، والحدود اللبنانية، وتعطيل العمل بالمدارس والجامعات، والمرافق الاقتصادية، بما في ذلك السياحة والمطاعم والمقاهي وأماكن الترفيه، وكانت الضربة الاقتصادية محسوسة بشكل جيد في مطار بن غوريون، وذلك في الفترة من تشرين الأول 2023 إلى آذار 2024، حيث مرّت عبره نحو 38 ألفاً و500 رحلة دولية، مقارنة بنحو 70 ألفاً في الفترة المقابلة من 2023/ 2022، بحسب سلطة المعابر والمطارات الإسرائيلية.
ومع اندلاع الحرب علّقت عشرات شركات الطيران العالمية عملها في إسرائيل، وألغت مئات الرحلات اليومية إلى مطار بن غوريون، حيث لوحظ التراجع الحاد في الحركة والتنقل في المطار الإسرائيلي، إذ بلغ أعداد الركاب نحو 4.3 ملايين مسافر منذ بداية الحرب، مقابل نحو 10.1 ملايين بين تشرين الأول 2022 وآذار 2023.
ومع إعلان حالة الطوارئ عقب معركة “طوفان الأقصى”، شهدت الغالبية العظمى من المرافق الاقتصادية والمصالح التجارية الصغيرة والمتوسطة في إسرائيل ركوداً، حيث حوّلت ووظفت جميع الموارد والميزانيات الحكومية لأغراض الحرب وتعطل الاقتصاد الإسرائيلي وتكبّد خسائر فادحة، حيث أظهرت معطيات بنك إسرائيل ووزارة المالية الإسرائيلية أن تكلفة الحرب منذ 7 تشرين الأول الماضي حتى نهاية آذار 2024، بلغت أكثر من 270 مليار شيكل (73 مليار دولار) وبحسب بيانات وزارة الأمن الإسرائيلية، فإن كلفة الحرب اليومية منذ 7 تشرين الأول حتى نهاية كانون الأول 2023، بلغت مليار شيكل يومياً (270 مليون دولار)، قبل أن تنخفض خلال العام 2024 لتصل إلى 350 مليون شيكل (94 مليون دولار).
وجراء التداعيات والعواقب الاقتصادية للحرب، اضطرت الحكومة الإسرائيلية إلى توسيع الموازنة العامة للعام 2024، حيث بلغت 584 مليار شيكل (158 مليار دولار)، بزيادة قدرها نحو 14% مقارنة بحدّ الإنفاق الأصلي الذي تمّ تحديده في العام الماضي كجزء من ميزانية السنتين 2023 – 2024 ولمواجهة التكلفة الباهظة للعملية العسكرية، وبغية منع العجز التراكمي بالموازنة العامة لوزارة الأمن، تمّت زيادة الميزانيات المخصّصة لوزارة الأمن، بإضافة 30 مليار شيكل (8.1 مليارات دولار)، وبذلك بلغ الحجم الإجمالي لميزانية الأمن خلال الحرب نحو 100 مليار شيكل (27 مليار دولار) وبسبب الإنفاق العسكري والخسائر المباشر للاقتصاد الإسرائيلي، حدث ارتفاع في تكاليف ديون الدولة لتصل إلى 62% من الناتج المحلي الإجمالي للاحتلال بعد أن كانت 59% في العام 2022/ 2023/ 2023
وبلغ حجم عجز الموازنة حتى نهاية آذار الماضي 6.2% من الناتج المحلي الإجمالي، ويتوقع أن يستمر العجز بالنمو ليبلغ نحو 6.6% بنهاية العام 2024، بحسب بيانات المحاسب العام بوزارة المالية الإسرائيلية.
ومنذ بداية العام الحالي، تمّ تسجيل عجز تراكمي بالموازنة العامة بقيمة 26 مليار شيكل (7 مليارات دولار)، علماً أنه في الأشهر الـ12 الأخيرة وصل هذا العجز إلى رقم قياسي جديد قدره 117.3 مليار شيكل (31.7 مليار دولار)، وهو الأعلى في تاريخ البلاد.
وبخصوص الأضرار والخسائر الناجمة عن تعرّض الجبهة الداخلية الإسرائيلية لقصف صاروخي، أظهرت تقديرات سلطة الضرائب الإسرائيلية أن حجم الأضرار المباشرة للمباني والمنشآت التي تكبّدتها مستوطنات “غلاف غزة” بلغت 1.5 مليار شيكل (405 ملايين دولار)، بحسب بيانات سلطة الضرائب الإسرائيلية.
ويُستدل من تقارير سلطة الضرائب أن قيمة الأضرار غير المباشرة والتعويضات للمتضررين في مستوطنات الغلاف والنقب الغربي وصلت إلى 12 مليار شيكل (3.35 مليارات دولار)، حيث تشمل الخسائر والأضرار التي تكبدتها فروع الزراعة، والسياحة الداخلية، والترفيه والمطاعم والمقاهي، والصناعات الخفيفة، أما بخصوص الأضرار والخسائر في الجليل الأعلى والغربي والبلدات الإسرائيلية الحدودية مع لبنان والجولان المحتل، فلا يوجد هناك بيانات رسمية وجرد للأضرار من قِبل سلطة الضرائب، وذلك بسبب خطورة الأوضاع والقتال مع المقاومة اللبنانية.
وأظهرت معطيات مؤسسة التأمين الوطني أن 65 ألفاً و32 إسرائيلياً فتحت لهم ملفات تعويضات بالمؤسسة، وذلك جراء إصابتهم بما يُسمّى “أعمال حربية وعدائية”، حيث تمّ تحويل نحو 22 مليار شيكل (6 مليارات دولار) مخصّصات تعويضات للمدنيين المصابين، وكذلك دفع 4.2 مليارات شيكل (1.1 مليار دولار)، زيادة إضافية في كلفة خدمة الاحتياط بسبب التغيب عن أماكن العمل.
وأنفقت الحكومة الإسرائيلية في شهر آذار الماضي 56.5 مليار شيكل، ومنذ بداية العام بلغت النفقات 147 مليار شيكل (39.7 مليار دولار)، مقارنة بـ 106.5 مليارات فقط (28.7 مليار دولار)، في الربع الأول من عام 2023، وهي زيادة تراكمية قدرها 38.1% وبلغت تقديرات نفقات الحرب منذ بداية عام 2024، 27.6 مليار شيكل (7.5 مليارات دولار)، حيث بلغت الزيادة التراكمية في النفقات للحرب تحديداً 12.2%، وفقاً لمعطيات نشرتها صحيفة “كلكليست” الاقتصادية.
وشهدت أعمال البناء والبنية التحتية في إسرائيل شللاً شبه كامل بعد أن جمّدت الحكومة الإسرائيلية تصاريح العمل لنحو 80 ألف عامل فلسطيني من الضفة الغربية، وتقدّر خسائر فرع البناء بنحو 150 مليون شيكل يومياً (40 مليون دولار)، بينما تخشى شركات المقاولات من مصير القروض التي تقدّر بنصف تريليون شيكل، وتسبّب الشلل بفرع البناء والعقارات في خسائر للمصارف وتراجع أرباحها، حيث بلغ حجم القروض العقارية التي حصل عليها مشترو الشقق 71.3 مليار شيكل (19.2 مليار دولار) في عام 2023، وذلك وفقاً لبيانات بنك إسرائيل وهذا يمثل انخفاضاً بنسبة 39.6%، مقارنة بحجم القروض العقارية الجديدة الممنوحة في عام 2022، التي بلغت 117.6 مليار شيكل (32.7 مليار دولار) ويعتبر حجم القروض العقارية الممنوحة في عام 2023 هو الأدنى منذ عام 2019، عندما بلغت القروض العقارية الجديدة 67.7 مليار شيكل (18.2 مليار دولار).