الصفحة الاخيرةحديث الصباحصحيفة البعث

أوْسع من دردشة..

عبد الكريم النّاعم

*قال: “أنت تعرف (….) قبل أن أعرفه”؟
أجاب: “نعم، ولكنْ.. ما الذي استدعى ذكره؟”.
قال: “أنا مُعجَب به، وباطّلاعه، وبمتابعته للمجريات، وبسعة معرفته، وبسمعته الطيّبة، وما ذكرتُه، كلّ فكرة منه تُعدّ ثروة عند مَن يعرف قيمة الرجال”.
أجاب: “وأنا أشاطرك بعض ما ذكرت، ولكنْ..”.
قال: “ما هذه الـ “لكن”، لم تُعجبني، هل نفَسْتَه؟”.
أجاب: “معاذ الله، ولكي لا تذهب بك الظنون، سأبسط ما أعرفه عنه، ويجهله الكثيرون، مع احترامي وحبي له، ففي تفكيره ما يُتوقّف عنده”.
قال: “أثرتَ قلقي، وشوّقتني، هات..”.
أجاب: “تصوّر أنّه كالوتر المشدود بشكل دائم، وعلى الرغم مما مرّ به من تجارب، وهي كثيرة، فما زال يُواجه أي مشكلة، صغُرت أم كبُرت، وكأنّها أوّل مشكلة: تتعطّل غسّالة البيت فيتوتّر توتّر من لم يُواجه مشكلة في حياته، وتصبح أفكاره وأعصابه نهْباً للغسالة،.. أيّ خلل في أيّ جهاز في البيت، أو أيّ مشكلة هي الأولى حتى كأنّه لم يسبقها شيء”.
قاطعه: “هذا مُتعب جداً”.
تابع: “ليس مُتعِباً له فقط، بل للذين حوله”.
قال: “هل تظنّ أنّه يفتعل ذلك؟”.
أجاب: “هو ليس خبيثاً، إنّها طبيعته، وهي أقرب إلى براءة الأطفال”.
قاطعه: “أبعد كلّ ما أنجزه وعاشه، وواجهه من مشكلات متعدّدة، تقول براءة أطفال؟!!”.
أجابه: “قلت لك إنني أعرفه أكثر ممَا يعرفه أبناؤه، نعم ثمّة براءة فيه تصل به في بعض الأحيان حدّ السّذاجة، وما أقوله ربّما قرأنا شيئاً عنه لدى عباقرة كبار في الشرق والغرب”.
سأله: “ألا يعرف ما هو عليه؟”.
قال: “نعم يعرفه، وكم من مرّة حاول أن يغيّر جذريّاً من ذلك، فينجح مدة يوم أو يومين أو أكثر، ومن ثُمّ تتغلّب عليه طبيعته، فيعود إلى ما ذكرناه”.
سأله: “كأنّك تقول إنّ ثمّة صفات تولد فينا، وتُرافقنا، ولا نستطيع التخلّص منها؟”.
أجاب: “ليس بذلك التعميم، فثمّة أناس استطاعوا تغيير الكثير الكثير.. ما معنى أن يعتاد مُدمِن على أمر ما ثمّ يُقلِع عنه؟ المسألة هنا مسألة قدرات شخصيّة، بعضها قد نرثه من الأجداد، وبعضها يولد معنا؛ وهنا أشير إلى أنّ معظمنا يتصرّف في البيت بغير ما يتصرّف به في الحياة العمليّة الاجتماعيّة، وذلك هو السائد، ولعلّ بعض ما ذكرتَ يقع في مساحة ما ذكره الرسول الأكرم عن الجهاد الأكبر الذي هو مُجاهدة النفس، ومراقبتها، ومحاسبتها لكي لا تميل فتُصبح نفساً أمّارة بالسوء”.
قاطعه: “بعض ما ذكرتَه يثير الكثير من الأسئلة التي لا تجد أجوبة حاسمة لازمة، كالفروق الفردية، والتفاوت في الأرزاق، والجمال، والمركز، والأعمار، وما شابه”.
أجاب: “معك حقّ، وهذا ما جعل الآراء تختلف وتتعدّد، فنتج عن ذلك تلك الآراء الفلسفيّة، والرؤى الصوفيّة، أو المناهج الماديّة، ولاسيّما أنّ بعض المسكوت عنه في الديانات السماويّة ترك الآفاق قابلة للاجتهادات والرؤى، وتلك مسائل شائكة، وُجدت مع وجود وضوح الفكر البشري، وما زال بعضها يُطرح آناً بعد آن، وعلى الرغم من قيمة ذلك، الفكرية الفلسفيّة، فإنّي أراه يدخل في باب حريّة الاختيار، وفيه تتعدّد الميول والتفسيرات على الرغم من عدم الحسم فيها، حتى لكأنّ هذا من ملامح عالمنا الذي نحن فيه. ولكي لا نقع في وحول مطبّات ادعاء الحقيقة، لا مناص من احترام عقائد المجتمع، ما دامت لا تنعكس سلباً على حياة الناس، لأنّ الله، كما ورد في بعض النصوص، سيسأل الناس عمّا عَهِد إليهم، لا عمّا قضى عليهم”.
aaalnaem@gmail.com