محصول القمح بين خطر الآفات والفطور وإجراءات المراقبة والمكافحة
دمشق – زينب محسن سلوم
في ظلّ الاهتمام المتزايد بمحصول القمح على اعتباره استراتيجياً، تثار التساؤلات حول الآفات التي تشكّل خطراً ربما يكون متعاظماً على المحصول مثل صدأ القمح، وأسباب حدوثه، وهل تفاقمت الإصابات لدرجة تتجاوز العتبة الاقتصادية وتخلّ بالإنتاجية، وفيما إذا كانت الوزارة تتخذ الإجراءات الكفيلة بالوقاية؟.
الدكتور إياد محمد مدير وقاية النبات في وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي، بيّن في تصريح لـ”البعث” أن أصداء محاصيل الحبوب من أكثر الأمراض انتشاراً وأكثرها أهمية من الناحية الاقتصادية في العالم، فيمكن لفطور الصدأ أن تضعف وتقتل النباتات الفتية (البادرات) ويتمثل ضرّرها على الأغلب بأنها تقلّل مساحة السطح الخضري الفعّال، وتزيد من فقد النبات للماء بدرجة كبيرة وتضعف نمو الجذور وتخفض الإنتاج، وذلك بالحدّ من معدل البناء الضوئي وإعاقة نقل المواد الغذائية المصنّعة عبر الأنسجة المصابة، وبدلاً من ذلك تتحول تلك المواد إلى الأنسجة المصابة، حيث يستفيد منها الفطر على حساب النبات.
وتابع: قد تؤدي إلى خسائر تساوي ما يقارب 10% من محاصيل الحبوب عموماً، بل من الممكن أن تصل أضراره في حالة الانتشار الوبائي إلى فقد 50% من المحصول أو أكثر، أما في سورية فإن خطورة هذا المرض تكمن في حساسية بعض الأصناف المزروعة لأمراض الصدأ وتوفر سلالات منه قادرة على إصابة الأصناف المزروعة والحسّاسة، مع توقع انتشار المرض في حال توفر الظروف البيئية المناسبة لتطوره، وتوفر الأبواغ المنقولة عبر الرياح.
وأوضح محمد أنه من خلال أعمال التحري عن أمراض الصدأ في حقول القمح في جميع المحافظات ظهرت إصابات محدودة جداً على شكل بؤر في بعض الحقول، وتمّت مكافحتها بشكل فوري، مؤكداً أن الوزارة قدّمت مبيدات مجانية تكفي لمساحة 1000 هكتار، في وقت بلغت المساحة المكافحة على مستوى القطر 450 هكتاراً لتاريخ 15/ 4/ 2024.
أما بالنسبة لمكافحة الأصداء، فبيّن مدير الوقاية أن أفضل طريقة لمكافحة مرض صدأ القمح هي زراعة الأصناف المقاومة والمتحمّلة للمرض والمعتمدة من قبل وزارة الزراعة، وتقليل الكثافة الزراعية من خلال التقيّد بكمية البذار الموصى بها في وحدة المساحة، إضافة إلى الري والتسميد المتوازنين، فضلاً عن تنفيذ عمليات التحرّي والمراقبة وكشف بؤر الإصابة مبكراً، ومعالجتها بالمبيدات المناسبة والمعتمدة من قبل الوزارة، بهدف حماية محصول القمح والحصول على الإنتاج الوفير، مشدّداً على أن عملية المكافحة الكيميائية في بداية الإصابة تعتبر أمراً حاسماً في حماية المحصول لأن انتشار الإصابة يجعل من الصعب السيطرة عليها.
من جهةٍ ثانية، قال الدكتور محمد: تعتبر حشرة السونة من أخطر حشرات القمح، حيث تهاجم البالغات الخارجة من طور التشتية ساق النبات أولاً، وتشرع بوخز وامتصاص العصارة من نقطة نمو الورقة المركزية فوق أول عقدة، ما يؤدي إلى ذبول الساق وجفافه، وقد تؤدي الإصابة الشديدة إلى تقصّف وانكسار الساق، ولا تستطيع النباتات المصابة النمو بشكل طبيعي، فهي تعطي إشطاءات جديدة تنمو نمواً غير منتظم وفي وقت متأخر نسبياً، كما ينتج عن الإصابة كثافة نباتية عالية في وحدة المساحة، يقابله نقص في الإنتاجية من الحبوب، مبيناً أنه عندما تهاجم الحشرة النباتات في مرحلة تشكل السنابل فإنها تؤدي إلى إجهاضها عن طريق إحداث ثقوب أسفل السنيبلات، وينتج عن ذلك ما يسمّى بالسنابل البيضاء، ويؤدي وجود 1- 2 حشرة /م2 في طور السنابل إلى إحداث ضرر بظهور السنابل البيضاء بنسبة 3 – 5%.
وأكد مدير الوقاية متابعة الوزارة الحثيثة لأعمال التحرّي عن حشرة السونة منذ الأسبوع الأول لشهر آذار الماضي، والذي يتوافق مع موعد ظهور الحشرات الأم للآفة، حيث ابتدأت عمليات المسح والرصد والتفتيش الحقلي مبكراً نتيجة للظروف التي سادت هذا العام، كما تمّ تعميم برنامج الإدارة المتكاملة على مديريات الزراعة، ووضع مخططات كروكية تبيّن المساحات التي تنتشر فيها حشرة السونة، ونسبة وشدّة الإصابة، منوهاً بأن مكافحة حشرة السونة تبدأ عند وصولها للعتبة الاقتصادية، وهي 3 حشرة كاملة /م2، أو 8 حوريات/م2، كما تتغيّر العتبة الاقتصادية للحشرة حسب حالة المحصول من جفاف، أو وجود انتشار للأعداء الحيوية.
وأضاف: يبدأ التحرّي في الصباح الباكر ويفضّل تنفيذ مكافحة الحوريات للحصول على أفضل النتائج في نهاية الطور الثاني ولغاية نهاية الطور الرابع لها، ويتمّ تنفيذ المكافحة من قبل المديريات بكل الإمكانيات المتوفّرة لديها، ومن الجمعيات الفلاحية، والفلاحين “ذاتياً” بإشراف فنّي من المديريات بعد تقديم الدعم المطلوب مجاناً، كما أكد في هذا المضمار أهمية استخدام المبيدات الأقدم فالأحدث تحت طائلة المسؤولية، وتجهيز آلات المكافحة قبل موعد الحملة، وقيام كلّ مديرية بتكليف شُعب النحل في دوائر الوقاية بمتابعة إبلاغ مربي النحل بإغلاق وترحيل خلايا النحل أثناء فترة الرش في مواقع الإصابة.
وأشار محمد إلى أنه تمّ تكليف دائرة المكافحة الحيوية في مديرية زراعة حماة بجمع بيوض حشرة السونة وتحديد الأعداء الحيوية عليها بالتوازي مع موعد التحرّي عن حشرة السونة وأطوارها، وتسجيل البيانات البيئية وإرسال عينات الجمع إلى مديرية الوقاية، مؤكداً ضرورة تقييم نتائج الحملة في كل المحافظات عند نهايتها، كما لفت إلى أن المساحة المكافحة لحشرة السونة التي وصلت للعتبة الاقتصادية في كل المحافظات بلغت 6270 هكتاراً لتاريخ 15/ 4/ 2024.