حلب تحيي الذكرى الـ 109 للإبادة الأرمنية
حلب – غالية خوجة
منذ المجازر التي ارتكبها العثمانيون ضد الشعب الأرمني، والتي كانت من ضحاياها، أيضاً، أعداد كبيرة من الطوائف المسيحية والكلدانية والآشورية وغيرهم، والمواطنون السوريون الأرمن لا ينسون كيف تمّت الإبادة الجماعية لأجدادهم وجداتهم، وكيف امتزجت صرخاتهم ودماؤهم وأشلاؤهم مع ربيع عام 1915، ولم يجدوا الأمن والسلام والمحبة إلاّ في الدول التي احتضنتهم، وأولها الجمهورية العربية السورية، ومدنها، وخصوصاً، حلب، ودمشق، واللاذقية، والقامشلي، وتجذرهم فيها كأي مواطن عربي سوري، يحب أرضها ويدافع عنها، ويوليها الوفاء الخالص، خصوصاً، وأنهم وعبْر التاريخ اختاروا سورية موطناً وهوية وانتماء، ولا ينحازون إلاّ إليها.
هذا الواقع تحدث عنه العديد من المفكرين والمؤرخين والباحثين والأدباء، ومنهم الباحث السوري من أصل أرمني، ليون زكي، في كتابه “تحدي البقاء.. أرمن سورية 2011ـ2018″، مؤكداً تجذرهم في وطنهم سورية، ودورهم الحيوي في كلّ مجالات الحياة السورية الوطنية والسياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية والفنية والصناعية والإنسانية المتراصة مع أطياف المجتمع السوري المتأصل في هذه التربة المُحِبّة الوفية، ولا سيما أن المواطنون السوريون من أصل أرمني لهم مواقفهم الوطنية الواضحة كالشمس، وضحّوا ويضحّون من أجل الدفاع عن وطنهم سورية في كل الأزمات والمعارك والحصارات وآخرها الحرب الإرهابية على سورية التي تبادلهم المحبة والوفاء.
وكل عام، تحيي حلب ذكرى الإبادة الأرمنية، ومنها مطرانية الأرمن الأرثوذكس، البرشة ـ حلب وتوابعها، التي تحيي الذكرى 109 للإبادة الأرمنية ببرنامج من الفعاليات يبدأ في 21 الجاري بمسيرة شموع تنطلق من أمام مدرسة الثانوية السورية الخاصة في الميدان الساعة الخامسة والنصف مساء باتجاه المقابر الأرمنية رافعين الشموع، وذلك بحضور رؤساء الطوائف والفعاليات والجمعيات والنوادي الأرمنية، تتبعها حملة تبرع بالدم صباحية في صالة كنيسة السيدة العذراء للأرمن الأرثوذكس في الفيلات، يليها قداس إلهي أمام النصب التذكاري للإبادة في مقبرة الأرمن الأرثوذكس، وبعد القداس، ستوضع أكاليل الزهور على النصب التذكاري لشهداء الإبادة الأرمنية من قبل الجهات المشاركة.
ونذكر أن العديد من السوريين الأرمن برعوا وأبدعوا ولهم بصمتهم الخاصة تماماً في كل المجالات العلمية والتربوية والأدبية والتعليمية والتجارية والصناعية، ولهم مدارسهم وكنائسهم، وجمعياتهم الثقافية والخيرية والأندية الرياضية.
وتجدر الإشارة إلى وجود العديد من الشخصيات الإبداعية الملفتة، مثل الأديب نظار نظاريان، والقائد العام السابق في الجيش العربي السوري العميد آرام قره مانوكيان، واللواء ألبير كليجيان، والمذيعة ييرادو كريكوريان، قائد الفرقة السيمفونية السورية المايسترو ميساك باغبوداريان، الموسيقي فاهية تمزجيان، السفيرة الدكتورة نورا أريسيان، وعضو مجلس الشعب جيراير رائيسيان، والكاتب والفنان والمخرج د.وانيس بندك، والممثلة هوري بصمه جيان.