“يومين” من العنف الأسري وانعكاسات الحرب على الأسرة
حمص- عبد الحكيم مرزوق
بحضور جماهيري كبير، عُرض فيلم “يومين” على مسرح قصر الثقافة، يوم الجمعة، ويتعرّض الفيلم الذي كتب قصته دريد لحام، وكتب السيناريو والحوار تليد الخطيب وأخرجه باسل الخطيب، لأكثر من قضية، أولها العنف الأسري الذي يمارس بأكثر من شكل كتعنيف الزوجات من قبل أزواجهن، وتعنيف الأطفال من قبل آبائهم، بالإضافة إلى تأثير الحرب الكونية على العائلات السورية، فالكثير منهم فقدوا بيوتهم ومصادر رزقهم في الحياة الحرة الكريمة، عبر قصة تعتمد في بطولتها على طفلين يكونان شرارة الفيلم في تسليط الضوء على معاناتهما مع أبويهما وتأثير ما حدث على حياتهما التي تكون في بعض جوانبها قاتمة السواد.
ويقدّم الفيلم شخصية “غيث- دريد لحام” الذي يعيش في الريف وقد تخطّى العقد الثامن من عمره وحيداً بعد وفاة زوجته مع ابنته “سلمى- رنا شميس” المطلقة بسبب عدم قدرتها على الإنجاب والتي تعمل في دكان والدها الذي يسافر يومياً إلى المدينة لإحضار احتياجات الدكان من البضائع والخضار والفواكة، بالإضافة إلى عمله في إصلاح الأجهزة الإلكترونية، وتبدأ الأحداث بالتنامي عند عودة “غيث” من المدينة إلى قريته، حيث يتعرّف على الطفلين “صباح- جاد دباغ” وشقيقته “نغم- شهد الزلق” في الحديقة أثناء استراحته لتناول “السندويتش” الذي أعدّته ابنته فيكتشف أنهما جائعان فيقدم لهما طعامه، وخلال تبادل الحديث معهما يكتشف أنهما هاربان من والديهما بسبب العنف الذي يتعرّضان له، فوالدهما، يؤدي الشخصية حازم زيدان، يفقد مصدر رزقه بسب تداعيات الأحداث على سورية، فيصبح سكيراً ومقامراً يضرب زوجته حتى يحصل على المال ويضرب أولاده، وبعد أن يغادر “غيث” المكان يكتشف أن الطفلين قد تسللا وركبا في سيارته “البيك أب” من دون علمه.
وتبدأ سلسلة الأحداث التي يقودها الطفلان بإقناع “غيث” وابنته بالعيش معهما ويشيعان أمام أهل القرية أن “غيث” أنقذهما من عصابة تتاجر بالأعضاء البشرية، حيث يقوم أهالي القرية باستقباله بالرقص والدبكات الشعبية احتفاء ببطولته، لكنه ينفي ذلك ويحاول المختار، يؤدي الشخصية أسامة الروماني، إقناعه بتأكيد القصة لأن أحد المسؤولين سيزور القرية لتكريمه، وربما يساعد أهالي القرية بتقديم بعض الخدمات التي تحتاجها القرية، وهكذا يقبل على مضض لأن في ذلك مصلحة عامة، وفي الوقت الذي يسعى فيه غيث إلى إعادة الطفلين إلى والدهما، بعد محاولة إصلاح الأب ومساعدته على ترك القمار والمشروب، وينجح في ذلك بمساعدة (وائل زيدان) من خلال الادّعاء بخطف الطفلين ومطالبة الأب بالتبرع بكليتيه لإعادتهما، لكنهما في لقائهما مع الأب يوضحان نواياهما السليمة في نشوء الطفلين في بيئة سليمة، وبعد ذلك تتوضح أمور المسؤول القادم للقرية بأن زيارته تأتي في إطار عمل خدمي مختلف لا علاقة له بالتكريم، وهنا يوضح “غيث” لأهالي القرية أن عليهم بذل كلّ ما في وسعهم لخدمة قريتهم وألا يعتمدوا على الغرباء في تخديم قريتهم.
الفيلم مليء بالمواقف الكوميدية الضاحكة التي اعتدنا عليها في أعمال الفنان دريد لحام، وهو بذلك يحوّل القصص الجادة إلى قصص محبّبة قريبة إلى الجمهور عبر الكلمة والبناء على بعض العبارات التي يستدعي فهم مراميها بأكثر من احتمال إلى فهم مخالف بشكل يثير روح الطرافة والمرح بين الأفراد.
اعتمد المخرج على المناظر الخلابة في تصوير معظم مشاهد فيلمه، لتكون الطبيعة شريكاً في تقديم جمالية جديدة عبر الصورة السينمائية التي تغني الحوار وسط ذلك الجمال الرباني، وذلك من خلال حركة الكاميرا التي تنقل الحوار من جهة والصورة من جهة أخرى وسط الطبيعة الخلابة.