تمويل أمريكي جديد لحملة الموت والدمار
سمر سامي السمارة
بعد ساعات من موافقة مجلس النواب الأمريكي على تشريع يسمح بإرسال مليارات الدولارات كمساعدات عسكرية إضافية لـ”إسرائيل”، ارتكبت قوات الاحتلال مجزرة جديدة أدّت إلى استشهاد قرابة العشرين شخصاً في مدينة رفح التي لجأ إليها أكثر من نصف سكان القطاع.
وأعلن مسؤولو الصحة أن الغارات التي استهدفت مدينة رفح، أسفرت عن استشهاد 22 فلسطينياً، من بينهم 18 طفلاً، وذكرت وكالة “أسوشيتد برس” أن الضربة الأولى من الغارات التي شنّتها قوات الاحتلال أدّت إلى استشهاد رجل وزوجته وطفلهما البالغ من العمر 3 سنوات، حسب المستشفى الكويتي القريب الذي استقبل جثث ضحايا العدوان.
وأضاف المستشفى: إن المرأة كانت حاملاً وأنقذ الأطباء الطفل، لكن الضربة الثانية أدّت إلى استشهاد 17 طفلاً وامرأتين من عائلة موسّعة.
يتضمّن الإجراء الذي وافق عليه مجلس النواب مؤخراً، تمويلاً بقيمة 26 مليار دولار للكيان الصهيوني، معظمها على شكل مساعدات عسكرية، وفي ردود الفعل على السياسات الأمريكية، انتقدت عضو الكونغرس الأمريكي ديليار راميريز حزمة المساعدات التي قدّمتها إدارة بايدن، مؤكدة أن هذه المساعدات تمثل مساهمة مفضوحة في حملة الموت والدمار، فبعد يوم واحد فقط من تصويت الكونغرس على إرسال 14 مليار دولار كتمويل عسكري غير مشروط لحملة الموت التي شنّها رئيس وزراء الكيان بنيامين نتنياهو، قام بقصف المنطقة الآمنة في رفح مرة أخرى، مضيفة: “إن كتب التاريخ ستكتب عن اليوم والأشهر السبعة الماضية، وكيف افتقر قادة أمتنا إلى الشجاعة والوضوح الأخلاقي للوقوف في وجه طاغية، هذا مخجل”.
سيتم تقديم حزمة المساعدات العسكرية لـ”إسرائيل” الآن إلى مجلس الشيوخ الأمريكي، الذي من المقرّر أن ينظر في مشروع القانون قريباً، ويرى مراقبون أن الرئيس الأمريكي بايدن، الذي واصل إعطاء الضوء الأخضر لمبيعات الأسلحة إلى “إسرائيل” سوف يوقع على الإجراء على الرغم من الأدلة الواضحة على ارتكابها جرائم حرب ومجازر لا تُعدّ ولا تُحصى ضد الإنسانية.
على الرغم من أن القانون الأمريكي يحظر عمليات نقل الأسلحة التي تخاطر بتسهيل انتهاكات حقوق الإنسان أو القانون الإنساني الدولي أو المساهمة فيها بطريقة أخرى، فقد أشارت وزارة الخارجية الأمريكية مراراً وتكراراً، ومن خلال مذكرة أصدرها البيت الأبيض في شهر شباط، إلى أنها تجد أن “إسرائيل” لم تنتهك القانون الدولي، وهو موقف يتعارض بشكل واضح للعيان مع النتائج التي توصلت إليها المنظمات الإنسانية الرائدة وخبراء الأمم المتحدة وغيرها.
أفادت منظمة “بروبابليكا” مؤخراً، بأن لجنة خاصة تابعة لوزارة الخارجية حقّقت في انتهاكات حقوق الإنسان بناء على “قانون ليهي” وأوصت منذ أشهر وزير الخارجية أنتوني بلينكن بحرمان العديد من وحدات الجيش والشرطة “الإسرائيلية” التي تعمل في الضفة الغربية من تلقي المساعدات الأمريكية، وذلك بعد مراجعة الادّعاءات بأنها ارتكبت انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان قبل طوفان الأقصى في 7 تشرين الأول.
وأشارت المنظمة إلى أن بلينكن فشل في اتخاذ إجراء بناءً على الاقتراح في مواجهة الانتقادات الدولية المتزايدة المتعلقة بانتهاكات جيش الاحتلال الإسرائيلي في غزة، وفقاً لمسؤولين حاليين وسابقين في وزارة الخارجية.
من جهته، قال رائد جرار مدير قسم المناصرة في منظمة الديمقراطية الآن للعالم العربي “داون”: ينبغي على أعضاء الكونغرس أن يفهموا أن الموافقة على إرسال المزيد من المساعدات العسكرية يمكن أن يعرّضهم للمسؤولية الشخصية عن المساعدة والتحريض على الإبادة الجماعية المستمرة في غزة، مضيفاً: بدلاً من إرسال المزيد من الأسلحة إلى “إسرائيل”، يجب على الكونغرس أن يعلن حظراً فورياً للأسلحة عليها.
جدير بالذكر أن المجازر التي ارتكبتها قوات الاحتلال الإسرائيلية، أدّت إلى استشهاد ما يزيد على أكثر من 14 ألف طفل في غزة منذ تشرين الأول الماضي، ومع ذلك رفضت إدارة بايدن والمشرّعون الأمريكيون الدعوات الدولية المتزايدة، المطالبة بقطع إمدادات الأسلحة والمعدات العسكرية الأخرى.