“سقيفة”.. قضايا إنسانية واجتماعية صالحة لكل مكان وزمان
أمينة عباس
بعد تجارب مسرحية عدة أنجزها مخرجاً مع الهواة، يستعد الفنان سليمان قطان لتقديم أول تجربة احترافية له مع الكبار من خلال مسرحية “سقيفة” التي تبدأ عروضها، غداً الخميس، على خشبة مسرح القباني بدمشق والتي يحاكي فيها قضايا إنسانية اجتماعية مناسبة لأي مكان وزمان، ليدعو في نهايتها إلى التحلي بالأمل على الرغم من كل الضغوط والصعوبات التي نمرّ بها، يقول في حوارنا معه: “هناك من يذهب نحو نص مسرحي من المكتبة المسرحية في ظل وجود مئات النصوص العربية والأجنبية، ويضطر المخرج حينها لإعداده ليتوافق مع المجتمع الذي ينتمي إليه، أما أنا ففضَّلتُ كتابة نص، وأثناء الكتابة كنتُ أتخيل شخصياته كيف يجب أن تكون على خشبة المسرح بعين المخرج، وكان طموحي تقديم مشروع مسرحي اجتهد الجميع فيه لتحقيق الغاية المرجوة منه”.
وكمخرج اعتمد قطان على بساطة الشكلانية والخشبة المجرّدة وتكوين رؤية بصرية من دون بهرجة غير مبررة من خلال مشاركين وفريق سينوغرافيا وهم شركاء حقيقيون في صناعة العرض، إيماناً منه بأن الفن عمل جماعي وليس جهداً فردياً، يقول: “لا خصوصية من دون شركاء حقيقيين، حيث تلاقت الهواجس والهموم المشتركة وتضافرت الجهود لتقديم عرض مسرحي أتمنى أن يحقق المتعة والفائدة”، مبيناً أن خصوصية التجربة تكمن في تعامله مع محترفين عملوا بنَفَس الهواة العاشقين للمسرح من خلال شغفهم بهذا الفن والإيمان به، وانطلاقاً من هذا الشغف الذي يمتلكه أيضاً كممثل كتب النص من اللحظات الأولى ليكون عرضاً مسرحياً يجسد على الخشبة ولا يُحفَظ في كتاب: “كان همّي تقديم عرض يحمل دراما إنسانية وشكلانية بصرية تمتع المشاهد”، وذلك لقناعته بأن عروض المسرح يجب أن تمنح المشاهد المتعة البصرية بالدرجة الأولى.
ورداً على سؤال “كيف تقيّم نفسك كمخرج” أجاب أنه لا يستطيع تقييم نفسه كمخرج، فهذا من شأن ذوي الاختصاص كمخرجين ونقاد مسرحيين، فهم الأقدر على فعل ذلك، لكن يمكنه القول إن علاقته مع الممثلين كانت علاقة تشاركية، واختيارهم لم يكن عفوياً وإنما مقصودا لتأدية الأدوار التي سيجسدونها انطلاقا من صداقته بهم كشركاء سبق أن قدموا تجارب سابقة معاً.
وعن كيفية لجم رغبته كممثل في الوقوف على الخشبة أضاف قائلاً: “كنتُ مصراً على ألّا أمثل على الرغم من شغفي الشديد بالتمثيل، واستطعتُ منع نفسي من خلال قرار اتخذتُه بناء على تجاربي السابقة في المسرح الشبيبي والعمالي والجامعي والقومي، وإيماني بأهمية الاختصاص، لذلك حين تصديتُ لمهمة الإخراج في صنع رؤيا أضيفها إلى تجاربي قررتُ منح الفريق إمكانية أن يخوض كلّ واحد منهم تجربته في اختصاصه بدءاً من الممثلين وحتى فريق السينوغرافيا على عكس المعتاد حيث يبدأ المخرج حين يريد التصدي لعمل من الأعمال بتقديم تصوراته حول الديكور والإضاءة والموسيقا والصوت، أما أنا فقررتُ منح أصحاب الاختصاص الفرصة لتقديم قراءتهم ورؤاهم ووجهات نظرهم في الموضوع والشكل المطروح، وقد حقق الجميع الكثير من الجوانب التي كانت مرسومة في ذهني، وأضافوا لي الكثير”، أما النتيجة التي خرج بها بعد خوضه هذه التجربة في الكتابة والإخراج فأوضح أنه كمؤلف لم تكن هذه التجربة الأولى له وهو الذي قدم عدداً من الأعمال المسرحية والتلفزيونية، كذلك في الإخراج، وفي كلتا الحالتين خلص بعد خوض التجربة إلى أنه يجب ألا ننتظر الفرص بل نصنعها، وهو خطا هذه الخطوة مستنداً على أرضيته كممثل وعلى وعيه وتجاربه المتعددة: “كلما تقدمنا في الخبرة يزداد وعينا وطموحنا، وربما عملي كممثل ساعدني جداً في الوصول إلى رؤية بصرية مختلفة في عرض سقيفة”، من دون أن يخفي طموحه اللامتناهي، ومع هذا لم ينجز المسرحية كما كان يتمنى بسبب الصعوبات الحياتية التي تربك الجميع، موجهاً الشكر لكل من بذل جهداً على خشبات المسارح ولكل إعلامي متابع يقوم بإضاءة مساحات جميلة من الإبداع، كذلك للزملاء في مجلس إدارة جمعية المسرح الحر الذي تبنى رعايتها والذين كانوا خير سند له أمثال الفنانين بسام دكاك، عدنان عمر، سعيد عطايا ولمديرية المسارح والموسيقا لتتويجها المبادرات الفردية واستقطابها كحالات إبداعية، موضحاً أنه انتسب إلى جمعية المسرح الحر في بداية التسعينيات وهي الجمعية التي عمل بها روّادنا وأسلافنا الأوائل عبد اللطيف فتحي، وحسن دكاك، وغيرهما: “ومنذ انتسابي لها كنتُ حريصاً على حضور الحفلات الموسيقية والغنائية وبعض النشاطات التمثيلية، وكنتُ دوماً أقول في نفسي لماذا لا يعود نشاط العروض المسرحية فيها كما كانت في زمن الرواد، فبدأتُ أقوم على تنفيذها بالتعاون مع مجلس إدارة الجمعية الذين تبنّوا العمل وقدموا الإمكانيات المتاحة لديهم كجمعية غير ربحية وهي تابعة إدارياً لوزارة الشؤون الاجتماعية والعمل”.
يُذكر أن مسرحية “سقيفة” من تمثيل: لميس محمد، رولا طهماز، فادي حموي، نغم إدريس، ياسر البردان، وتقدم عروضها في يومي الخميس والجمعة على خشبة مسرح القباني ـ السابعة مساء.