تعسفٌ في استعمال الباطل
تقرير إخباري
يواجه العالم على الساحة السياسية الدولية هذه الأيام أنواع جديدة من المغالاة والاحتيال عبر الأفعال الأمريكية، وغيرها من أفعال ساسة أوروبا غير المسبوقة في تكريس الباطل والاحتيال الدولي والإجرام بطريقة ممنهجة مفضوحة غير قابلة للتأييد، أو السكوت السياسي العالمي أو حتى الشعبي الغربي، بل حتى السياسي الغربي لبعض الدول الأوروبية- وإن قلّ عددها.
إن التعسف الأمريكي غير المسبوق في استخدام أدوات وأورواق القوة المختلقة بشكل كبير ومغالٍ أدّى إلى زعزعة تلك الأدوات، وخروجها من حيز العمل إلى حيز المفعول العكسي الارتدادي، أو إقبالها على إنتاج العكس بعد فترة زمنية ليست بطويلة، لكن الملفت في الأمر أن هذه الظواهر العكسية تتناسب طرداً مع زيادة التعسف الأمريكي.
فمسلسل فرض العقوبات الأحادية وتسليطها على قوىً عالمية كبرى أدى إلى وجود غرب يعاقب نفسه بنفسه قبل أن يعاقب الغير، واستخدام الدولار كسلاح ووسيلة لـ”شفط” مقدّرات الشعوب أخرجه من التعامل والاحتياطات العالمية بنسبٍ تشي بسقوطه ولو بعد حين، كما سقط من قبله الجنيه الإسترليني، ودعم الكيان الصهيوني والنظام النازي الأوكراني، والنزعات الإنفصالية في مناطق مثل تايوان وهونغ كونغ وشمال شرق سورية، وصولاً إلى غيرها من المناطق عبر العالم، بمليارات الدولار خلافاً لإرادة دافعي الضرائب الأمريكيين الذين لم تُعالج ملفات مطالباتهم في مجالات التأمين الصحي والبطالة والهجرة غير الشرعية وتفشي الجريمة… رغم قلة تكلفتها مقارنةً بما يُنفقه البنتاغون إبان إذكائه للتوترات والفتن عبر العالم، وفضيحتي الاستيلاء على الـ”تيك توك” والأصول الروسية…
إن الخوف من الانكشاف والسقوط والفشل يدفع أمريكا الآن إلى خيارات لم تكن مسبوقة في التعسف، ففصل الموظفين أو الطلاب لمجرّد موقفهم المؤيد للشعب الفلسطيني ربما يكون أمراً “مبلوعاً” من قبل شارعهم، لكن أن تصل الوقاحة بالإدارة الأمريكية إلى اعتقال أساتذة وطلاب جامعة يتظاهرون تأييداً لحقوق ذلك الشعب الذي يذبح أمام الكاميرات منذ ما يربو على الـ٢٠٠ يوم، وفي بلاد الـ”ديمقراطية” فتلك حادثة لا يمكن تمريرها، وستترك أثراً لا يمكن تجاوزه في الشارع الأمريكي.
بل إن الأشدّ ضراوةً من ذلك أن التعسف في استعمال الباطل الأمريكي يتجهّز الآن للعب آخر أوراقه التي يظنها ستنقذ ذراعه الصهيوني المتطرّف نتنياهو عبر منح الضوء الأخضر له لبدء العدوان البري على مدينة رفح بحجة “الدفاع عن النفس” لأنها معقلاً لـ”عشرات الألوية” للمقاومة الفلسطينية الباسلة، وذلك قبل هروب هذا التحالف الصهيو-أمريكي الأكثر تطرّفاً من فضائح المقابر الجماعية في مجمعي ناصر والشفاء الطبيين بغزة… فهل سيطول الصمت الدولي دون تحرّك؟.
بشار محي الدين المحمد