موسم كروي سيء يطوي أوراقه والسلبيات أكثر من أن تحصى
ناصر النجار
سيغلق الدوري الكروي الممتاز أبوابه بعد مباراة الجيش مع الطليعة التي ستجري عصر اليوم مودعاً موسماً كروياً لم بخرج بشيء جيد أو جديد يدعو إلى التفاؤل، والحقيقة أن هذا الموسم كان أكثر سوءاً مما سبقه، وكما نلاحظ فإن الانحدار إلى الأسفل يجري بخطا متسارعة، وعلى ما يبدو أننا لن ننتظر موسماً جديداً بالتفاؤل المعهود لأن العطار لن يصلح ما أفسد في كرتنا في الشهرين القادمين.
كما قلنا سابقاً يمكن الحسنة الوحيدة للدوري أنه انتهى بموعده حسب ما قرر، لكن بقية الأمور لم تكن جيدة، ولعل الأسوأ هو تخبط العمل في كل إدارات الأندية ما أنتج مستوى سيئاً كنتيجة حتمية لعدم البرمجة الصحيحة في الأندية ولغياب أي استراتيجية كروية، لذلك كانت حجة الأندية تدور حول الأزمة المالية، ورغم أن للأزمة المالية نصيب من الأحداث، لكن من الغباء أن نلصق كل شيء بظهرها، وحسب ما شاهدنا من عقود وتعاقدات فإن كل ذلك لا يشير إلى وجود أزمة مالية، والدليل أن كل الأندية تعاقدات مع لاعبين أجانب، وبعض الأندية تعاقدت مع مدربين عرب كالحرية وجبلة، ولو كان هناك نصف ضائقة مالية لما استطاعت الأندية التعاقد مع هذا الكم من المحترفين سواء في كرة القدم او كرة السلة.
هذا على الصعيد الخارجي، أما محلياً فإن أغلب أنديتنا تعاقدت مع عشرة لاعبين محترفين على الأقل، وهؤلاء يلزمهم عقود وراتب احترافية وإقامة وإطعام ومواصلات وخلاف ذلك، ولو كانت الأندية مفلسة مالياً لما تعاقدت مع هذا الكم من اللاعبين، ناهيك عن المدربين الذين كان عددهم كبيراً، وباستثناء ناديي الكرامة وتشرين فإن بقية الأندية غيرت مدربيها أكثر مرة، أقل الأندية صار التبديل فيها مرة وأكثر الأندية بدلت مدربين ست مرات كنادي الساحل، حتى البطل وهو نادي الفتوة بدل مدربيه أربع مرات باعتبار المدرب المساعد إسماعيل السهو تولى التدريب وقيادة الفريق في مباراتين، والمدرب لا يتبدل وحده، بل يتغير طاقم كامل، فلكل مدرب كادره الذي ينتقل معه من ناد لآخر، وهذا كله يشكل عبئاً على الأندية، من هذا التوصيف نعتقد أن المبررات المالية غير مقبولة والأندية تضعها ذريعة لكي تتهرب من الالتزامات التي عليها وخصوصاً مطالبات اتحاد كرة القدم حيث كل الأندية مديونة له، وكذلك شركات التجهيزات والمستلزمات الرياضية.
لم تكن الأجواء مناسبة للموسم الكروي الذي يودع مبارياته الأخيرة، والحقيقة أن التكاتف لم يكن كاملاً لتحقيق موسم كروي مقبول، فالاستعدادات للموسم ليست في مقر الاتحاد وحده ولا في اجتماعات إدارات الأندية، بل يشمل مفاصل كثيرة داخل الأسرة الرياضية وخارجها، فتجهيزات الملاعب رسمت الكثير من إشارات الاستفهام، وربما كان الملاحظ للعين المجردة الشباك الممزقة في أغلب الملاعب، وهنا نستغرب عدم قدرة المسؤولين عن الملاعب على تبديل الشباك أو تهيئة رايات ركنية وغير ذلك من الأمور الضرورية، وحديثنا هنا يخص الدوري الممتاز، ناهيك عن الملاعب التي باتت كلها متصحرة صيفاً وطينية شتاء ولا تصلح البتة لإقامة أي مباراة عليها، لذلك أضاعت هذه الملاعب نصف المستوى الذي ممكن أن تقدمه الفرق، لأن الخطة الصالحة لهذه الملاعب هو تشتيت الكرات وإبعادها قدر الإمكان أما الفنون والمهارة فليس لها مكان بوجود الحفر والمطبات وبرك المياه الطينية والشواهد كثيرة ولا تحتاج إلى أدلة إثبات.
أما بقية المسابقات في الدرجات الأخرى والفئات الأخرى فحدث ولا حرج، لأن الملاعب غير جاهزة لا على صعيد أرضيتها ولا على صعيد تجهيزاتها وكم من مرة سمعنا شكوى الحكام والمراقبين والفرق عن سوء المشالح ودورات المياه وعدم وجود المياه أصلاً، وبعض الملاعب بلا سور، وللأسف لم يكن هناك تعاون مثالي بين منظومة الإسعاف والاتحاد الرياضي فأغلب المباريات أقيمت بلا إسعاف وتم الاعتماد على معالجي الفرق في حال حدوث إصابة وعلى أي سيارة موجودة في الملعب لنقل أي مصاب إلى المشفى!
والقصص هنا تطول لنتأكد أن الدوري بكل الدرجات والفئات أقيم لأنه يجب أن يقام، وإذا كان دوري الدرجة الممتاز يستحق نجمة واحدة بسبب وجود جمهور كبير يتابع مبارياته، فإن بقية الدوريات الأخرى للأسف أشبه بدوري الأحياء الشعبية!
فريق أهلي مصر صار من أفضل الفرق في أفريقيا ويسعى باقتدار ليكون من نخبة الفرق العالمية، الأهلي ليس متفوقاً بكرة القدم فقط، ففي البطولات الأفريقية وصل إلى الأدوار النهاية بألعاب كرة القدم والسلة واليد والطائرة وغيرها من ألعاب القوة والألعاب الفردية ولا نريد هنا التعداد لأن الغاية في هذا السرد هو العبرة، لم يصل الأهلي إلى ما هو عليه إلا لأن هناك إدارات رياضية خبيرة متمكنة يقودها أشخاص متمكنون لديهم سيرة ذاتية في العمل الرياضي والإدارة الرياضية، وتأتي هذه الإدارات عبر انتخابات قوية ولديها جمعية عمومية تحاسب هذه الإدارات عند الأخطاء وارتكاب المخالفات، فالمحاسبة قائمة، لذلك لا تهدر الأموال، ولا تصرف بغير مكانها، ومن هنا نجد أن الشركات والصناعيين يتمنون أن يضعوا إعلاناً في النادي وذلك لسمعته ولجماهيريته، ولم نسمع يوماً ما أن النادي مفلس أو عليه مشكلة مالية أو إن أحداً من النادي خالف القوانين والأنظمة.
هنا مربط الفرس، للأسف عندنا لا يوجد جمعية عمومية فاعلة للأندية إلا على الورق، ولو تم دعوة الجمعية العمومية لأي ناد كبير أو جماهيري فلن يتجاوز عدد الحضور المئة عضو، وعملية إقالة الإدارات والأعضاء وتعيين البدلاء صارت سمة رياضتنا، وكم كنا نتمنى أن نجد إدارة واحدة تتم دورتها الانتخابية، والعجيب عندما يتم تبديل إدارات الأندية في الموسم الواحد أكثر من مرة، أما الأوراق الثبوتية لمن يريد الدخول في الأندية هو التمتع بقدرة مالية على حمل نفقات هذه الأندية بغض النظر عن السيرة الذاتية أو الخبرة والكفاءة، لذلك فشلت كل أنديتنا بمهامها لعدم وجود الشخص المناسب في المكان المناسب، ولابتعاد الخبرات الكروية المهمة التي وجدت نفسها غريبة في أسرتها الرياضية، رئيس النادي وهو آمر الصرف، وعندما يكون آمر الصرف في القضايا المالية غير ملم بالشؤون الرياضية فإن المال الرياضي سيهدر سواء عن جهل أو عن قصد، وهنا نقطة البداية في الفشل الرياضي، وللأسف فإن غياب المحاسبة الجادة تؤدي إلى استمرار الجاهلين في عبثهم بالرياضة، وبناء عليه غابت الشركات والمؤسسات الاقتصادية عن أنديتنا رعاية وإعلاناً ودعماً لعدم وضوح العمل في الأندية ولغرقها بمتاهات لها أول وليس لها آخر.
هذا الموسم انتهى بما فيه من سلبيات وإيجابيات، لكن هل فكرنا كيف نعالج السلبيات ونصحح كل الأخطاء والعثرات؟
نعود لنقول: إذا كانت كل أنديتنا أعلنت إفلاسها وعجزها قبل أن ينتهي الموسم، فكيف ستستقبل بعد شهرين الموسم الجديد؟