جهود مكثفة للحد من انتشار الجريمة في الأرياف
دمشق- حياة عيسى
ساهمت الحرب في ارتفاع نسب الجرائم، سواء في المناطق الريفية أو المدن، حيث أتاحت الظروف لضعاف النفوس للسرقة والاحتيال، وأحياناً لارتكاب جرائم أشدّ خطورة، كالخطف بقصد طلب فدية أو حتى القتل، عدا عن أن تفكّك الروابط الاجتماعية بسبب الحرب زاد من نسبة ارتكاب تلك الجرائم التي كانت ضمن حدود أقلّ في المناطق الريفية قبل الحرب، باعتبار أن متانة الروابط الاجتماعية والأسرية لقاطني الأرياف كانت تحدّ بشكل كبير من ازدياد معدل ارتكاب الجريمه.
قاضي التحقيق الأول في ريف دمشق، محمود يونس، بيّن في حديث لـ “البعث” أن انتشار الجريمة دفع المشرّع السوري للتدخل بهدف الحدّ من نسبة تلك الجرائم عن طريق سنّ تشريعات تفرض عقوبات رادعة بحق مرتكبي هذه الجرائم، ومن بين تلك التشريعات على سبيل المثال المرسوم التشريعي رقم ٢٠ لعام ٢٠١٣ الذي عاقب بالسجن المؤبد كلّ من خطف شخصاً بقصد طلب فدية أو لأسباب سياسية أو طائفية أو بقصد الثأر، وقد تصل العقوبة للإعدام إذا نجم عن جريمة الخطف وفاة أحد الأشخاص، وكذلك القانون رقم ١٥ لعام ٢٠٢٢ الذي شدّد عقوبة مرتكبي جرائم سرقة السيارات، وعاقب أيضاً من يقدم على سرقة محتويات السيارة أو أحد أجزائها الداخلية والخارجية، وكذلك جرّم هذا القانون فعل سرقة الدراجات الآلية المنتشرة بكثرة في الأرياف خصوصاً.
ومن الجرائم التي تحدث في الأرياف بنسبة أكبر منها في المدن جرائم التعدي على المزروعات، حيث عاقب المشرّع السوري كلّ من قطع أو أتلف مزروعات قائمة أو أشجار بعقوبة قد تصل إلى الحبس حتى السنتين، بالإضافة إلى غرامة مالية، ونظراً لازدياد التعديات على الأراضي الحراجية ورغبة من المشرّع في قمع تلك الاعتداءات، فقد أصدر السيد رئيس الجمهورية القانون رقم ٣٩ لعام ٢٠٢٣ الخاص بالحراج والأراضي الحراجية، وتضمن هذا القانون عقوبات شديدة على مرتكبي الجرائم التي تطال الأراضي الحراجية، سواء حراج الدولة أو الحراج الخاصة، حيث عاقب بالسجن حتى عشرين سنة من يقدّم على إضرام النار في حراج الدولة، عدا عن غرامة تعادل ثلاثة أمثال قيمة الضرر الحاصل، وتصل عقوبة هذه الجريمة إلى الإعدام إذا نجم عن إضرام النار وفاة إنسان.
وتابع يونس أن القانون فرض عقوبة الحبس حتى ثلاث سنوات لكلّ من تسبّب بنشوب حريق في حراج الدولة نتيجة إهماله، وقد تصل عقوبة هذا الشخص المهمل إلى السجن حتى عشرين سنة إذا نجم عن هذا الإهمال وفاة شخص، وعاقب هذا القانون أيضاً بعقوبة الحبس كل من ينزع أخشاباً حراجية او أحطاباً حراجية بدون ترخيص مسبق، كما تطرق يونس في حديثه إلى العقوبة القانونية لكلّ من يطلق حيواناً دون ترخيص بهدف الرعي في حراج الدولة، وكذلك عاقب بالحبس حتى ثلاث سنوات كلّ من يقوم بالإتجار بالمنتجات الحراجية خلافاً لأحكام القانون.
أما بالنسبة للجرائم المنتشرة في الأرياف، ولاسيما القريبة من المناطق الحدودية، فقد تحدث قاضي التحقيق الأول عن جريمة تهريب الأشخاص، حيث يلجأ بعض الأشخاص لمغادرة القطر بطريقة غير مشروعه وذلك لأسباب تتعلق غالباً بوجود ملاحقات قضائية بحقهم، ويتمّ ذلك عن طريق المعابر الحدودية غير الشرعية وبالاستعانه بأشخاص يقومون بنقلهم مقابل الحصول بصورة مباشرة أو غير مباشرة على منفعة مادية أو معنوية، ونظراً لخطورة هذا الفعل فقد أصدر السيد رئيس الجمهورية القانون رقم ١٤ لعام ٢٠٢١ وهو قانون منع تهريب الأشخاص، حيث عاقب هذا القانون كلّ من يرتكب جريمة تهريب الأشخاص بالسجن من خمس سنوات حتى عشر سنوات وبغرامة قدرها خمسة ملايين ليرة، وتشدّد هذه العقوبة في حالات معينة كارتكابها من خلال جماعة إجرامية منظمة أو استخدام الجاني الأطفال في ارتكاب هذه الجريمة، وقد تصل العقوبة إلى السجن المؤبد إذا نتج عن الجريمة وفاة الشخص المهرَّب أو إصابته بعاهة دائمة أو في حال استخدم الجاني القوة أو الأسلحة لمقاومة السلطات، ورغبة من المشرّع في كشف هذا النوع من الجرائم الجنائية الخطيرة، وبقصد إفساح المجال أمام فاعلي هذه الجرائم وشركائهم في التراجع عن سلوكهم الإجرامي، فقد أعفى من العقوبات السالف ذكرها كلّ من بادر من هؤلاء إلى إبلاغ السلطات المختصة بمعلومات تمكّن من اكتشاف الجريمة قبل إتمامها.