الفروج طار ولن يعود…!!
علي عبود
شغلتنا أجهزة الرقابة خلال الأسابيع الماضية بـ “خبرية” وجود بيض مهرّب يُباع على الأرصفة بأسعار رخيصة مقارنة بأسعاره في الأسواق والمولات والبقاليات، ولم “تتبرّع” أيّ جهة حكومية بالشرح والتوضيح أو الإجابة عن سؤال بسيط: كيف دخل البيض المهرّب إلى سورية؟
أخيراً فعلها مدير الإنتاج الحيواني في وزارة الزراعة، محمد خير اللحام، فقد جزم بأن البيض المتوفر في الأسواق منتج محلياً، لكنه شغلنا بوعد جديد، فقد بشّرنا بانخفاض قريب جداً بأسعار الفروج!
على حدّ علمنا أن الجهة الوحيدة القادرة على ترجمة هذا الوعد هي وزارة الزراعة من خلال توفير الأعلاف لقطاع الدواجن بأسعار مدعومة، أيّ أقل من الكلفة.
الواقع يقول إن الحكومة بعد أن رفعت أسعار المحروقات والأعلاف فإن الفروج طار بعيداً جداً عن موائد ملايين السوريين ولن يعود إليها مهما قيل عن انخفاض هزيل بأسعار مستلزمات إنتاجه في الأمد المنظور إلا بمعجزة، وما من جهة حكومية في وارد تأمين شروط ظهورها!
من السذاجة القول إن انخفاض أسعار المواد العلفية بنسبة 10%، أو 15%، أو حتى 50%، سيعيد الفروج إلى موائد ملايين العاملين بأجر لم يعد يكفيهم لأكثر من ثلاثة أيام، فهذه الأعلاف سبق وارتفعت خلال الأعوام الثلاثة الماضية بنسبة تجاوزت الـ300%، وبالتالي فإن انخفاضها بنسب هزيلة لن يُوقف تحليق الفروج عالياً أكثر فأكثر، وخاصة مع أيّ رفع جديد للمحروقات!
وبما أن الجهات الحكومية، ومعها جمعية حماية المستهلك، تعترف بأن انخفاض الأسعار النسبي للفروج سببه تراجع بأسعار المواد العلفية، وانخفاض القوة الشرائية للمستهلكين، فهذا يعني أننا أمام حالة مؤقتة وعابرة، ما لم يتمّ بيع المادة بسعر يناسب دخل العاملين بأجر، ويبدو أننا مجدداً أمام انتظار معجزة لن تظهر لا في الأمد المنظور ولا البعيد طالما العمل مستمر بتحرير أسعار مستلزمات القطاعات الإنتاجية.
حسناً، فلنُصدّق بأن الجهات الحكومية المختلفة “أولت اهتماماً خاصاً على مدى سنوات من خلال التدخل الإيجابي في تنظيم المهنة وتوفير الأعلاف ومستلزمات التربية، واتخذت عدة إجراءات لدعم المربين وعودة المنشآت التي توقفت خلال الحرب إلى العملية الإنتاجية”، وبالتالي فإن السؤال: لمن يُنتج قطاع الدواجن؟
كما نعرف، كان الفروج بمختلف أقسامه ومتفرعاته وأنواعه من السلع الرخيصة التي لا تغيب عن موائد ملايين السوريين حتى عام 2021 على الأقل، لكنه بدأ يطير بعيداً عن هذه الموائد بفعل الرفع المستمر للأعلاف وحوامل الطاقة، ولم يعد متاحاً إلا للمقتدرين وهم قلّة لا تتيح نمو قطاع الدواجن إلا في حال تمكنه من تصدير منتجاته للخارج.
والمسألة ليست بمساعدة المربين بزيادة الإنتاجية، ولا بإصدار القرار رقم 109/ت لعام 2023، القاضي بالسماح باستثمار المداجن “المرخصة وغير المرخصة”، وفق وثيقة استثمار وتربية.. إلخ، المسألة ستبقى بالإجابة عن السؤال: إذا كان دخل ملايين العاملين بأجر لا يكفي لأكثر من ثلاثة أيام، فمن سيشتري الفروج والبيض من أصحاب قطاع الدواجن؟.
الخلاصة: إغراقنا بتفاصيل مشكلات قطاع الدواجن، أو بالدعم المقدّم للمربين لمساعدتهم بمواصلة الإنتاج، أو بعودة المداجن المتوقفة إلى العمل.. إلخ، لن يُغيّر الواقع إلا بمعجزة لا يمكن أن تتحقق إلا بقرارات حكومية، فالفروج طار، ولن يعود إلى موائد ملايين العاملين بأجر في الأمد المنظور!!