في النقابة المركزية للمحامين.. بعد أكثر من 45 سنة عنصر نسائي يستلم لجنة المرأة
دمشق- لينا عدره
على أرض الواقع لم يكن أحد ليسمع أو يعلم بوجود لجنة المرأة في نقابة المحامين المركزية، خاصةً وأنها لم تكن فعالة، على الرغم من وجودها منذ أكثر من 45 سنة، وتجاوز نسبة المحاميات النصف بالنسبة لأعداد المحامين، وفقاً لما بيّنته أ. فادية عساف عضو مجلس فرع نقابة المحامين في دمشق، ورئيسة لجنة المرأة في النقابة المركزية، والتي تمكنت منذ حوالي ثلاث سنوات من استلام رئاسة اللجنة، لتكون بذلك أول عنصر نسائي يستلم رئاسة اللجنة في النقابة المركزية، بعد أن بقيت حكراً على الرجال طيلة تلك السنوات، لغياب العنصر النسائي بين أعضاء فرع دمشق.
عساف أشارت إلى مجمل الخطوات التي تعمل اللجنة على تنفيذها، وتشمل بدايةً إقامة أنشطة بهدف التعريف بها، كونها لا تختصّ فقط بالنساء “المحاميات” بل تمتد لتشمل المحامين أيضاً، لأن المرأة هي من تؤسّس وتربي وتشارك، مشيرةً إلى دور المرأة المفصلي والفعّال في مختلف جوانب الحياة. ومنوهةً بالخطوات التي جهدت اللجنة لتنفيذها وتحديداً بعد كارثة الزلزال، وشملت إقامة دورات دفاع مدني وتمريض للمحامين والمحاميات، ومعارض سنوية، ودورات تقوية للمتمرنين، إضافة إلى محاضرات تثقيفية للتعريف بالقوانين التمييزية والإضاءة وتسليط الضوء على الدور الفعّال للمرأة في المجتمع.
وعن الجهود التي تبذلها اللجنة لتغيير أو تعديل القوانين التمييزية، أكدت عساف أن دستور الجمهورية العربية السورية لم يفرّق في مواده بين رجل وامرأة، حيث ساوى بين جميع المواطنين في الحقوق والواجبات، وركز على المواطنة، مشيرةً إلى أن القوانين بشكل عام منصفة للمرأة، ولكن هذا لا يعني بأننا لا زلنا نعاني من بقاء بعض المواد التمييزية، مؤكدةً ضرورة تطوير ومواءمة القانون مع الظروف لتحسين واقع المرأة، لافتةً إلى ضرورة مراعاة الأوضاع الحالية قدر الإمكان عند سنّ بعض القوانين، وتعديل ما يلزم عند الضرورة، مؤكدةً أن تطبيق القوانين بشكلها الصحيح وإبعادها عن التأثير المجتمعي والعادات والموروث الثقافي، كفيلٌ بإعطاء المرأة دورها، ومشددةً على الحاجة لتعديل بعض القوانين الموجودة، وضرورة إضفاء نوع من الرعاية عليها أكثر مما هي عليه الآن، ومعاملة الإنسان كإنسان بغضّ النظر عن جنسه، لأن القانون فوق الجميع، منوهةً بتغير نظرة المجتمع إلى حدٍّ ما تجاه المرأة، ولاسيما بعد الحرب والظروف التي مرت على البلاد، ما وُلَّد إحساساً مجتمعياً بالدور الفعّال للمرأة، وخاصةً بعد أن أجبرت الظروف فئات كثيرة من المجتمع وتحديداً فئة كبار السن ومعهم النساء لتحمّل أعباء جمَّة، نتيجة غياب الرجال بحكم سفر البعض أو استشهاد وفقدان البعض الآخر.
عساف ثمنَّت التعديلات التي طرأت على بعض القوانين التي كانت تميّز بين الرجل والمرأة، ومنها قانون الأحوال الشخصية، الذي عُدِّل حديثاً ما مكَّن المرأة من الحصول على بعض الامتيازات التي كانت تطالب بها، علماً أن قانون الأحوال الشخصية، تضيف عساف، لا زال بحاجة لتعديل بعض المواد وخاصةً مع وجود عددٍ من الثغرات وبقاء بعض المواد التمييزية بين المرأة والرجل بحكم الثقافة المجتمعية، كتلك التي تحصر النفقة بالرجل على اعتباره المسؤول الوحيد كونه هو من ينفق، علماً أن هذا الكلام لم يعد دقيقاً مع تغيّر الواقع، ومشاركة الطرفين لا بل تحمل المرأة في أحيان كثيرة مسؤولية الاهتمام والإنفاق على أسرتها والاعتماد عليها بشكلٍّ كليٍّ مع غياب الرجل.
نقطة أخرى غاية في الأهمية شدّدت عليها عساف تتعلق ببيت الزوجية الذي يجب أن يكون بشكل أساسي ورئيسي للعائلة، حمايةً للأطفال وللمرأة من التشرد في حال طلاقها، إضافةً لموضوع الإرث والميراث الذي ولخصوصيته تبعاً لمرجعية وعادات كل منطقة أيضاً يحمل ظلماً للمرأة، رغم وضوح النص القانوني المتعلق به، إلا أنه لا يُطبَّق كما يلزم، بسبب الحواجز التي يفرضها المجتمع والظروف المجتمعية، التي تعيق تطبيقه كما تعيق بعض القوانين الموجودة، ما يؤكد، تبيّن عساف، أننا وفي حال تطبيقنا للقوانين كما هي سنحقق المساواة بين الجميع دون تمييز، نقطة أخيرة أشارت إليها عساف تتعلق بقانون العمل الذي تراه منصفاً على حدِّ قولها، إلا في جزئية التقاعد التي تتضمن إجحافاً بحق المرأة، كاختلاف معاشها عن معاش زوجها على سبيل المثال نظراً لطبيعة العمل.
عساف أكدت في نهاية حديثها على دور المرأة السورية القيادي، على الرغم من وجود بعض القوانين التمييزية التي لم تمنعها من ممارسة دورها الرئيسي في المجتمع، لتتمكن بفضل إرادتها من تجاوز كل الصعوبات، وتحقيق دورٍ ريادي استطاعت من خلاله، أن تكون السباقة بين نساء البلدان العربية وحتى بعض الدول الأوربية في حصولها على صلاحيات وتحصيلها لحقوق ووصولها لمناصب قيادية وانخراطها في الحياة السياسية، وتحقيقها لأعلى درجات التحصيل العلمي.