في الدوري الكروي الممتاز أخطاء ومشاكل تحتاج إلى حلول جذرية
ناصر النجار
أسدل الستار على أهم مسابقات الموسم الكروي ولم يتبق إلا النذر القليل من المباريات وباتت صورة الموسم الراحل واضحة من حيث المستوى الفني والأداء، والفرق التي نالت شهادات التقدير، والفرق التي طالها الحزن والحسرة، وهذه الأمور واضحة ولا خلاف عليها فلكل مجتهد نصيب، أما الأمور الأخرى فيجب التركيز عليها ومعالجة ما فيها من أخطاء وعثرات قبل أن تفلت زمام الأمور وتصبح صعبة الضبط والتصحيح.
ومن المفيد أن نسلط الضوء اليوم على ثلاثة أشياء مهمة تعرقل مسيرة الدوري الكروي وجميع المسابقات الأخرى وهي تتعلق بكيفية تعامل اتحاد كرة القدم مع أخطاء الأندية والملاعب، وهل يعمل الاتحاد على تصويب هذه الأخطاء، وثانيها الشغب غير المبرر المتنامي في أغلب ملاعب كرة القدم، وثالثها الملاعب ومدى صلاحيتها لاستقبال المباريات وجمهور الأندية.
تحصين المسابقات
اتحاد كرة القدم يتعامل مع الأندية بشكل أبوي مقدراً ظروف الأندية ومشاكلها واضطراباتها الداخلية وعدم استقرار إداراتها وأزماتها المالية، لكن الأندية بشكل عام لم تتعامل مع هذا العطف والحنان الأبوي بالمثل، فاستغلت هذا الأمر أبشع استغلال بل إن بعض الأندية أعلنت (للأسف) أنها لن تدفع ما عليها من التزامات مالية لاتحاد كرة القدم سواء حصة الاتحاد من العقود التي تجريها الأندية مع المدربين واللاعبين، أو قيمة الغرامات المالية المفروضة على الأندية جراء المخالفات الانضباطية، وإذا أصرت الأندية على عدم الاستجابة لطلبات اتحاد كرة القدم فإن كل العقوبات الانضباطية ستصبح بلا تأثير وسيتمادى المشاغبون بشغبهم وستصل المباريات أو بعضها إلى ما لا يحمد عقباه ما دامت الأندية معفاة من الدفع ولو بشكل غير قانوني، ومادامت القرارات الاستثنائية بالعفو عن هذا اللاعب أو ذاك قائمة، فهذه الإجراءات تقلل من هيبة الاتحاد ولجانه ولا تساعد على كبح جماح بعض المشاغبين من اللاعبين والكوادر ومن الجمهور أيضاً، ولا حظنا في هذا المجال تواصلاً بين الأندية وبعض المتنفذين في اتحاد كرة القدم الذين يقومون بدور سلبي في تحقيق مصالح شخصية ضيقة على حساب مصلحة كرة القدم بشكل عام.
وهناك صور كثيرة مرت مرور الكرام دون أن يكون هناك إجراء رادع من اتحاد كرة القدم كالانسحابات التي جرت في مختلف المسابقات المحلية، والتخلف عن بعض المباريات وخصوصاً في آخر مراحل هذه المسابقات كما حدث مع رجال حرجلة والتل وشباب عفرين والصنمين وأولمبي جبلة وغيرهم من الأندية، والغريب أن اتحاد كرة القدم كان يوافق على أعذار هذه الأندية دون أن يقيم الوزن لمسابقاته وهذا أمر برسم لجنة المسابقات التي عليها فرض هيبة مسابقاتها على الأندية ليكون لهذه المسابقات القوة والحصانة، ومثل ذلك تحكم بعض الفرق بمكان ومواعيد المباريات وهذا وجدناه في أكثر من مسابقة، فعندما يحدد اتحاد كرة القدم موعد مباراة ما من المفترض أن يلتزم أطراف المباريات بقرار اتحاد كرة القدم لا أن تنصاع لجنة المسابقات إلى طلبات أنديتها المدللة.
مسؤولية الأندية
تتحمل الأندية المسؤولية الكبرى في تنامي الشغب في الملاعب لأنها لا تعمل على وضع آلية لمكافحة الشغب، ولا تسعى للحد منه، فعلى صعيد الجمهور (فهي كما تذكر) تقول إنها عاجزة عن ضبط جماهيرها، وتتنصل من المسؤولية لتضعها في خانة رجال حفظ النظام، لكن من وجهة نظر أخرى بإمكان إدارات الأندية أن تتفاعل مع الأحداث بشكل إيجابي وتقوم بالدور المنوط بها في ردم هوة الاحتقان الممارسة في الملاعب، وهذا الاحتقان بدأت وسائل التواصل الاجتماعي غير المنضبطة بتزكيته وتنميته، لذلك تصل الجماهير إلى أرض الملعب محتقنة قبل بدء المباريات، ودور إدارات الأندية مجابهة هذه الوسائل بقوة وشجاعة، والعمل على توجيه منصاتها الإلكترونية للعمل على تصحيح العلاقات مع الأندية الأخرى ومع كل أطراف اللعبة وتخفيف احتقان جماهيرها وتوجيههم بشكل إيجابي وحضهم على الالتزام بالقوانين والأنظمة الكروية واحترام الحكام والفرق الأخرى وجمهورها.
وعلى سبيل المثال لم نجد الدور الإيجابي لروابط المشجعين، والمفترض أن تقود هذه الروابط جماهير الأندية إلى التشجيع الإيجابي الأخلاقي الهادف، وللأسف كانت تسير هذه الروابط عكس التيار، ولا حظنا (والأمثلة كثيرة) الدور السلبي لهذه الروابط وهي تؤجج الصراع في الملاعب وتعمل على تأجيج الشغب وآخر المعاقبين رئيس رابطة نادي أهلي حلب وقبله أحد أعضاء رابطة نادي الجيش.
إدارات الأندية هي من تختار روابط مشجعيها لذلك هي مسؤولة عنها، ولا بد من ضبط هذه الروابط ليتم ضبط المدرجات، أيضاً فإن منبع الشغب في الملاعب (كما نلاحظ) يبدأ من أرض الملعب سواء من الكوادر الفنية والإدارية أو من اللاعبين، وكم من مرة شاهدنا كيف أن إدارات الأندية تصفق للمخالفين من صفوفها بدل أن تعمل على معاقبتهم وردعهم لارتكابهم المخالفات الانضباطية، وهذا ما جعل الشغب يتنامى داخل الملعب من اللاعبين والمدربين والإداريين، حتى إن مسؤولي التجهيزات والمعالجين والمصورين وغيرهم باتوا من يفتعل الشغب في المباريات!
ولنا في المباراة النهائية لدوري شباب الممتاز بين أهلي حلب والحرية مثال واضح للعيان عندما طالت العقوبات بعض اللاعبين وكوادرهم ورئيس رابطة مشجعي نادي أهلي حلب في دليل على تسيب هؤلاء وعدم قدرة إدارات الأندية على ضبطهم.
سوء الملاعب
عندما نتحدث عن سوء الملاعب فلا نقصد هنا صلاحية أرضيتها، لأن هذه المشكلة صارت كالداء من الصعب حله، ولو كانت النية قائمة للحل لوجدنا ملاعب الدرجة الممتازة على الأقل صارت جاهزة وتكسوها حلة خضراء جميلة، ولكننا اعتدنا على الترقيع، القصد من سوء الملاعب أن بعضها ليس فيه سور يفصل الملعب عن الجمهور أو تفتقد لبعض التجهيزات والمستلزمات الضرورية، وهذا موجود في الكثير من الملاعب التي تقام عليها أغلب المسابقات باستثناء مباريات الدرجة الممتازة، وكم من مشكلة حدثت في الملاعب لأنها غير مسورة ويدخل الملعب كل من هب ودب، ولعل المثال الأخير ملعب درعا في المباراة الفاصلة المؤهلة إلى دوري الدرجة الممتازة حيث كان الجمهور الكبير ملاصقاً لمضمار الملعب، ولأن نادي الشعلة صار في عداد الدرجة الممتازة فمن الضروري البحث عن حل جذري للملعب منذ الآن حتى لا يضطر النادي لإقامة مبارياته خارج درعا لعدم صلاحية الملعب، ومثله العديد من الملاعب المفترض أن تجهز بعوامل السلامة والأمان، ومن المفترض أن تشكل لجنة للكشف على كل ملاعب الدوري بكل المسابقات من الآن لدراسة واقعها والعمل على تجهيزها لتكون في أتم الجاهزية لمسابقات الموسم القادم.
كرة القدم لعبة جماهيرية تتطلب تضافر كل الجهود لرفعة شأنها ولتحصينها من كل الشوائب والعثرات، والعمل على إصلاح كل الأخطاء كل حسب اختصاصه ومن مكانه لأن ذلك يصب في مصلحة الكرة والمسابقات والأندية معاً.