البعث بيت لكل الأحرار والوطنيين
يجمع البعث في سورية كل السوريين، بعثيين وغير بعثيين، على بناء الوطن، يتقاطعون عند حدود سيادته وريادته، عند كرامته واستقلال قراره، عند تحريره واستعادة حقوقه وثرواته..
البعث في سورية هو متكئ لكل مواطن سوريّ يتطلّع للحرية والبناء والتطوير وتحصين المجتمع، ليأخذ كل دوره في عملية البناء والتحرير والتطوير.. وعندئذ يكون البعث الأساس الحصين لكل مواطن حر شريف يمتلك إرادة البناء والتحرير والعمل والتطوير والعدالة وتحقيق الأهداف الوطنية، انطلاقاً من عمله كـمستقل، أو من خلال أدائه كمنتسب لأي حزب يعمل لتحقيق الأهداف الوطنية متقاطعاً فيها مع البعث..
البعث في سورية هو الحالة الجماهيرية الواسعة التي تتطلّع للمستقبل المزدهر وتحقيق تطلّعات هذه الجماهير، بكل مكوناتها، وبكل القدرات العلمية والفكرية والاقتصادية والفنية والمعرفية، والخبرات العملية والتقنية لكل منتسبي البعث، ولكل محازبيه ومناصريه، والمتحالفين معه، أحزابا وغير أحزاب، لتحقيق الغايات الاجتماعية والاقتصادية وتحقيق الأهداف الوطنية، ولكل من مدّ يد العون له من أفراد وفعاليات وأحزاب وشخصيات مستقلة، يجمعها معه المستقبل الواعد لسورية وتحقيق أهداف الجماهير الوطنية والشعب بكل معانيها..
البعث في سورية هو القاعدة الجماهيرية والسياسية المتينة والصلبة، وهو الفكر المنبعث دائماً والمتجدد والمتطور أبداً لمواكبة التطور والتقدم في كل المجالات، وهو الدرع الصلب أمام المتغيرات الطارئة والتي تهدف لتخريب وتدمير القيم والمبادئ والأخلاق الجمعية للأفراد والأسرة والمجتمعات والدول، وتفكيكها والسيطرة عليها وإخضاعها ونهب ثرواتها ومواردها البشرية، وتسخيرها، وهو السد القويّ في وجه كل أهداف الامبريالية العالمية والصهيونية التي جعلت الإنسلاخ عن القيم والأخلاق والمبادئ والمواطنة والانتماء والهوية والارتباط بالوطن، عبر أفخاخ اللبيرالية الحديثة، وغيرها من طرائق مختلفة، هدفاً رئيسيّاً يعمل عليه الإمبرياليون والصهيونية العالمية، عبر زرع العقائد وتنسيق الإيديلوجيات المدمرة في المجتمعات..
البعث في سورية هو تلك الإيديلوجيا والعقيدة التي كانت، وستبقى، القوة الفكرية، والضرورية المترجمة عملياً لعملية التصدي لكل أنواع العدوان المختلفة وطرائق تسلله وغاياته وتياراته..
البعث في سورية هو المبادئ الراسخة والمواقف الثابتة، والمواقف الإنسانية التي تناضل أبداً في سبيل الحق في العيش والكرامة، في وطن عزيز قويّ محصّن بكل جماهيره الواسعة، وهو العروبة والبيت العربي الرحب والمفتوح لكل المكونات والشرائح، على اختلاف ثقافاتها ومعتنقاتها الدينية، بعثيين وغير بعثيين، والشرط الوحيد للجميع هو وحدة الوطن واستقلاله وسيادته وحريته وقِيَمِه وتمكينه من تقرير المصير والمسار، والإيمان بحقوقه وقضاياه، مبتعداً عن النظرة الطبقية، منطلقاً من توازن المنفعه بين أبناء المجتمع وتكامل العمل بين كل الشرائح الاقتصادية، عمالاً وفلاحين وفقراء وشرائح متوسطة وشرائح عالية الملاءة المالية، والتي تعمل كـرأسمال وطني يتيح فرص العمل للشرائح الأخرى بالتعاون مع أصول الملكية العامة، ومرونة التشاركية بين القطاعات المختلفة، وفق معايير تجعل التوازن حالة مقوننة، متعاونين على دعم حركة الإنتاج وانسيابية المنفعة التكافلية والتكاملية، وتحقيق العدالة الاجتماعية في كل المجالات، وتناغم حركة العمل والتعامل والبناء والمنافسة، وتكافل الجماهير وتماهي الغايات الاقتصادية الوطنية ورفع المستويات المعيشية تحت إشراف الدولة والقانون..
البعث في سورية هو الثابت القاعديّ والأساس التكويني لمفهوم القومية كمصدر للوعي الجمعي حول مختلف القضايا.. القومية التي تُحصّن العروبة كسياج وعي مُتَقَدّم، سياسي واجتماعي وثقافي وفكري، وترسم حدود المفهوم والمصطلح، حيث أن القومية هي حالة وعي تتسلح بالقدرة على الإجراء وفهم الاستراتيجيات والتحولات العالمية المختلفة، وتملك الأدوات لوضع الآليات، حارسة لمكونات العروبة ومفهومها، وفق رؤية شاملة.. وليس البعث كامل المفهوم القومي، وإنما أحد أهم أسسه وقواعده، فالقومية لكل من انتمى للعروبة، كمفهوم. وليس النسب العربي شرطاً في المفهوم وإنما الثقافة والوعي والفكر، وتبنيه، وتبني القضايا العربية هز الأساس للعروبة وللمفهوم القومي، فكل عربي يتبنى المفهوم القومي هو قومي بالضرورة، سواء كان بعثياً أم غير بعثي..
والقومية والعروبة هما حصنان للهوية الغنية المتنوعة الأعراق واللغات والثقافة والأديان، والمنصهرة في القضايا الوطنية المنتمية إلى تاريج جامع لكل هذا الغنى في التنوع، والرابط المتين بين الماضي والمستقبل، بين التاريخ الغني والغد الواعد. ولم يكن المفهوم القومي، يوماً ما، متناقضاً مع العروبة، ولا مع الإسلام والمسيحية، كما يحاول البعض تسويقه وتصويره، فمعظم القوميين عروبيون، مسلمين أو مسيحيين، بل كان المفهوم القومي على الدوام حارساً للاعتدال ونبذ التطرف في مختلف مناحيه ومجالاته، وحامياً للعقائد الصحيحة من هجمات الإيديلوجيات والعقائد المختلفة التي يصدّرها الأعداء بمراحل مختلفة، ورافضاً لكل مفهوم مشوه باطل. ولطالما حاول أعداء الأمة العربية تسييس الأديان وخلق التيارات المتطرفة، وتشويه الدين وحرفه عن كونه علاقة بين الإنسان والخالق العظيم ضمن أصول فقهية سمحة وصحيحة، وجعلة مدعاة لضرب الإسلام بالإسلام، وما يسمى بـ “الإسلام السياسي” أوضح دليل على ذلك، عبر خلق وابتداع جماعات متطرفة متنوعة وموظفة سياسياً لصالح أعداء الأمة. ولطالما كان الإسلام والمسيحية بمثابة التغذية الراجعة الأساسية الروحية والإيمانية لكل القوميين الذين ينتمون للمفهوم القومي الصحيح وللعروبة..
إن مفهوم العلمانية الذي أتبناه كبعثيّ هو ذلك الوعاء الذي يضُّم التنوع الديني والثقافي والفكري وحرية المعتقد وممارسته، حيث الدولة تقود المجتمع، والدين يُحصّن الاعتدال ويقوّي التكافل والقيم الأخلاقية العظيمة والسمحة، وتأصيل الحالة الوطنية، ونبذ التطرف والتشدد والتزمت (وهي مساحة مشتركة بين الدولة والدين، تتمظهر بالمؤسسة الدينية، ولا تعني المساحة المشتركة اندماج الدولة بالدين) في ظل دولة القانون، وتحت سيادة الدولة، وامتثالاً للدستور عبر مؤسسة دينية ملتزمة بمفهوم الدولة، فكلا الحالتين الدين والسلطة موجودين في المجتمع نفسة ويعملان لأجل المجتمع ذاته. وانطلاقاً من هذا، يكون المفهوم القومي والعروبة بكل مكوناتها، بعثيين وغير بعثيين، في خندق واحد مع الدين ضد أعداء الأمة العربية والأوطان والأخلاق والقيم والمبادئ الإنسانية..
إن البعث هو حارس آمال الوطن وتطلعات جماهيره، هو الرؤية العميقة للمصالح الوطنية التي يتقاطع فيها مع باقي الأحزاب الوطنية وأفراد المجتمع كافة.. متجدد الفكر، ثابت في المواقف الوطنية، أمين على المبادئ، راسخ العقيدة، واضح المسار، صلب الإرادة، ينبعث من قلب ووجدان الجماهير، رحب المساحة لكل المواطنين بعثيين وغير بعثيين. ومصلحة حزب البعث العربي الاشتراكي العليا تنطلق من مصلحة الوطن والأمة ومصلحة كل المواطنين، ومد اليد والتعاون لحماية الوطن وتحصين الهوية والانتماء والارتباط بالوطن.. ناقد لذاته مصحح لخطواته بقوة التغيير المنبعثة من أبنائه ومن جماهيره البعثية وقواعده الواسعة.. متسلح بالإرادة والحق والعقيدة والمبادئ، ملتزم بقضاياه الوطنية والقومية، وقضيته المركزية فلسطين..
متمسكاً بفكره المتجدد، وعقيدته الصلبة، وبالجيش العربي السوري العقائدي الذي كان ولم يزل وسيبقى حارساً وحاملاً وحامياً للاستقلال والسيادة ووحدة الأرض والشعب وإرادة التحرير، مدافعاً عن سورية، عبر إرادته وإرادة أبنائه، المنبثقة من أهداف الشعب العربي السوري الوطنية التي تتجسد بالأهداف السياسية، والتي تعبر عن آمال وتطلعات الشعب بكل مكوناته وأعراقه وشرائحة ومعتنقاته الدينية، الجيش العقائدي الذي أثبت أنّ العلاقة بين الجيش والشعب هي علاقة الجسد الواحد والروح الواحدة.
متسلحاً بالمعرفة، ومؤمناً بأن المعرفة وحدها هي حصانة الفكر ووضوح الرؤية، صامداً لأن الصمود هو القوة التي تحفظ الأوطان، قوياً بالإرادة والحق، مؤمناً بأنّ الجماهير المتسلحة بالمعرفة تصون وجودها وتكون مصدر القوة في عالم لا يحترم إلاّ الأقوياء..
أنا بعثيّ وقوميّ وعروبيّ!! وأيضاً أنا مسلم ومؤمن بالله عز وجّل!! وأعتقد أن العلمانية بمعنى دولة القانون، وسيادة الدولة الوطنية أمر معرفي لا يتناقض إطلاقاً مع إيماني بالله وانتمائي العميق للبعث، وأجد الأمر منسجماً كلياً وخالياً من أي تناقض..
معد محمد