العدوان على رفح والنفاق الأمريكي المستمر
سنان حسن
على الرغم من الإعلان الأمريكي المتكرّر رفضه القاطع لأي عمل عدوان إسرائيلي على مدينة رفح في قطاع غزة، ومحاولة تسويق الأخبار عن إيقاف شحنات الأسلحة الدقيقة إلى الكيان الصهيوني، ورفض الرئيس الأمريكي جون بايدن مناقشة هذا الأمر مع رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو وبيانات الخارجية الأمريكية المتلاحقة عن الوضع في غزة ورفح بالتحديد، إلا أن النفاق ظهر سريعاً مع كشف وسائل إعلام أمريكية وإسرائيلية عن اتفاق بين الجانبين لإدارة معبر رفح بعد انتهاء العمليات العسكرية، فالتباكي على أرواح المدنيين في غزة ماهو إلا لتمرير المخططات والمشاريع الصهيونية في القطاع.
طبعاً الموقف الأمريكي ليس جديداً، فمنذ بدء العدوان الإسرائيلي على القطاع قبل ثمانية أشهر وواشنطن تمارس التضليل في موقفها من العدوان، فتارة ترفض العملية العسكرية قبل أن تعود وتعطي الضوء الأخضر لقوات الاحتلال لارتكاب جريمة ومجزرة أخرى، والأمثلة أكثر من أن تعد وتحصى بداية من جريمة مشفى المعمداني مروراً بمشفى الشفاء، ودخول خان يونس والميناء العائم، وليس انتهاءً عند ما يجري في رفح اليوم.
فالغاية الأمريكية كما ردّدها المسؤولين الأمريكيين أن لا تنكسر “إسرائيل” في مواجهة فصائل المقاومة الوطنية الفلسطينية، وأن تبقى رأس الحربة للمشروع الغربي في المنطقة، “فلو لم تك إسرائيل موجودة لأوجدتها” تصريح للرئيس بايدن. لذا فقد كان الجسر الجوي والبحري إلى “إسرائيل” خير دليل على ذلك، إذ تم نقل آلاف الأطنان من الأسلحة والذخائر الذكية إلى جيش العدو ليستمر في عدوانه الغاشم على الأبرياء والعزل في قطاع غزة، ناهيك عن المواقف السياسية العلنية في مجلس الأمن، حيث منعت العديد من القرارات التي تدعو إلى وقف العدوان باستخدامها حق النقض “الفيتو”، قبل أن تجهض الجهود الدولية للاعتراف بعضوية فلسطين في الأمم المتحدة.
بالعودة إلى رفح والعدوان الهمجي المستمر عليها، فإن الوقائع تؤكد من جديد أن من يدير العدوان على غزة منذ اللحظة الأولى هي الولايات المتحدة الأمريكية، وأداة التنفيذ هي قوات الاحتلال الإسرائيلي، وبالتالي كل النداءات الدولية والإنسانية لن تجد لها طريق في ظل موقف أمريكي لا لبس فيه بمواصلة “إسرائيل” لعدوانها على القطاع حتى الانتهاء من تنفيذ كل المخططات والمشاريع التي تنوي تنفيذها لتهجير أهل القطاع ووأد القضية الفلسطينية برمتها.
وعليه فإن الصوت الذي يجب أن يُسمع اليوم هو مواصلة المقاومة، ومواجهة المحتل بكافة الوسائل، والكف عن المراهنة على تحقيق شيء من وراء المفاوضات العبثية، فمجريات العدوان على غزة، كشفت أن الكيان الغاصب أوهن من بيت العنكبوت، وأن الأمر الوحيد الذي استطاع تحقيقه حتى الآن من قائمة أهدافه التي أعلن عنها منذ بداية العدوان هو قتل الأطفال والنساء والتنكيل بكبار السن والتهجير الممنهج، وتدمير البيوت والمؤسسات الفلسطينية والأممية فوق رؤوس من تأويهم من قصف طائراته ومدافعه.